اقتصاد وأعمال

ماذا يعني رفع الحظر الأمريكي عن تصدير النفط ؟

عبد الوهاب بوكروح

أقر مجلس النواب الأميركي والشيوخ بأغلبية ساحقة مشروع قانون للإنفاق ورفع الحظر المفروض منذ 40 عاما على صادرات النفط الخام الجمعة 18 ديسمبر.

وأيد أعضاء المجلس بأكثرية 316 صوتا مقابل رفض 113 إقرار القانون الذي صوت عليه في وقت لاحق مجلس الشيوخ قبل أن يحيله إلى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لتوقيعه ليصبح قانونا.

وتضمن القانون، بناء على رغبة الديمقراطيين، إجراءات للطاقات المتجددة، فيما نجح الجمهوريون في نهاية المطاف في إلغاء الحظر على تصدير النفط الأميركي المعمول به منذ العام 1975.

ويهدف القانون إلى تمكين الولايات المتحدة من تصدير النفط الخام وتعزيز تقاسم العائدات بين الولايات عن عمليات الحفر عن النفط والغاز في المناطق البحرية. ويعود تاريخ حظر الكونغرس لتصدير النفط الخام إلى العام 1975م بسبب الخوف من نقص الوقود وارتفاع أسعاره في أمريكا عقب استخدام العرب وللمرة الوحيدة والأخيرة في التاريخ لسلاح النفط.

وبفضل ثورة النفط الصخري بات بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية منافسة روسيا والسعودية على صدارة منتجي النفط في العالم.

ويعني رفع الحظر على الصادرات تشجيع المزيد من إنتاج الزيت الصخري ما سيرفع من نسبة صادرات النفط الخفيف، وبالتالي ضرب عصفورين بحجر واحد. فمن جهة رد الصاع لدول الخليج التي حاربت النفط الصخري لسنوات بتخفيض الأسعار حتى تخرج شركات إنتاج النفط الصخري من الحلبة بسبب تعظيم خسائرها، وثانيا تمكين الولايات المتحدة من تصدير كميات إضافية من النفط الخفيف بمقدار مليون برميل يوميا.

ويعتبر قرار رفع الحظر بمثابة النجاح الباهر لشركات إنتاج الزيت الصخري التي مارست ضغوطا هائلة على المشرعين الأمريكان لاستصدار هذا القانون لأنه يسمح لهم بالتوسع اكبر في الإنتاج وبالتالي المزيد من المداخيل، وأيضا يعتبر التصدير بمثابة فرصة لقياس حرارة منتجي النفط التقليدي وخاصة منظمة أوبك وروسيا والمكسيك والنرويج، منم اجل الاستحواذ على حصص السوق.

 

الاستهلاك الداخلي في أمريكا

تستهلك أمريكا يوميا قرابة 19 مليون برميل من النفط. وبلغ إنتاجها اليومي قبل 8 سنوات 5 ملايين برميل، ما يعني العجز الكبير والشراهة لكل قطرة نفط تنتج على وجه الكرة الأرضية. هذا الوضع كان قبل 2011.

بداية من العام 2011 سجلت بوادر جيدة في إنتاج الزيت الصخري. وبحلول العام 2014 بلغ إنتاج أمريكا إلى حوالي 9 ملايين برميل يوميا (بالضبط 8.85 مليون برميل) والفضل في ذلك للزيت الصخري.

بالأرقام تكون أمريكا قد رفعت إنتاجها بحوالي 4 مليون برميل يوميا من النفط العالي الجودة والذي يمتاز بالخفة ومنخفض الكبريت.

وتقول دائرة معلومات الطاقة الأمريكية أن الإنتاج سيرتفع في 2016 إلى 9.2 مليون برميل، وهذا يعني أن الأسعار المنخفضة للنفط التقليدي لم تتمكن من إيقاف إنتاج الزيت الصخري.

وإذا ما أضفنا ما تنتجه من أمريكا من الغاز الصخري المسال والبالغ حوالي 3 مليون برميل فإن الإنتاج الإجمالي يرتفع إلى 11.2 مليون برميل وباستيراد كميات من الجارتين كندا والمكسيك، تصبح الولايات المتحدة مكتفية ولا حاجة لها بنفط أوبك الذي يشكل بذاته عبئا للمستهلك الأمريكي بسبب فارق السعر الذي يتراوح بين و4 و6  دولارات للبرميل مقارنة مع خام غرب تكساس المرجعي على الرغم من أنهى أعلى جودة من نفط برنت بحر الشمال المرجعي، ما يجعل تصديره نحو  أوروبا واسيا أكثر لان صناعة التكرير الأمريكية صممت لمعالجة نفط دول الخليج وفنزويلا الأعلى كثافة.

 

إنقاذ صناعة الزيت والغاز الصخري

قد يتبادر إلى الذهن لماذا التصدير؟

الجواب: أن التصدير يمثل فرصة لإنقاذ صناعة الزيت الصخري، كما كان تصدير الغاز الصخري فرصة جيدة لعدم إفلاس هذه الصناعة.

في الولايات المتحدة وصل سعر الغاز الصخري إلى 2.8 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، في الوقت الذي بلغت الأسعار مستوى 10 دولار للمليون وحدة حرارية في أسيا أوروبا، ما مثل جرعة أوكسجين لهذه الصناعة.

 

الجزائر من الضحايا الجدد

عندما يوقع الرئيس أوباما القانون، ويصبح القرار الأمريكي برفع الحظر عن تصدير النفط ساري المفعول، سيكون هناك ضحايا على جانبي الطريق.

أولا، سيكون القرار مثابة رصاصة الرحمة لأسعار النفط التوي توجد قرب أدنى مستوياتها منذ 11 عاما.

ثانيا، سينتقل التأثير غير المباشر للنفط الصخري الخفيف من سوق أمريكا الشمالية المغلقة إلى أوروبا وأسيا، وستكون المنافسة شرسة بين النفط الأمريكي الخفيف ونفط الجزائر وليبيا ونيجيريا، بمعني أن الشركات الأمريكية ستنقل الحرب إلى عقر دار أوبك. وستتحرر شركات إنتاج الزيت الصخري من ضغط المصافي التي لا تحبذ تكرير الأنواع الخفيفة من النفط الصخري وتميل للنفط الخليجي والفنزويلي.. وبالنتيجة سيبدأ عصر جديد لن يكون لمنظمة الأقطار المصدرة للنفط “أوبك” فيه الكلمة العليا كما كانت خلال الأربعين(40) عاما من الحظر الأمريكي على الصادرات النفطية على الأقل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى