معركة الغاز المميع: التحدي القادم لـ سوناطراك
د. بغداد مندوش*
نائب المدير التنفيذي لمجموعة سوناطراك المكلف للنقل عبر القنوات، أعلن مؤخرا عن استثمارات قيمة خلال الأعوام الـ4 القادمة في مجال إعادة تهيئة وتعزيز شبكات النقل وخاصة في مجال الغاز.
الإعلان عن استثمارات سوناطراك جاء في وقته وخاصة من أجل ربط حقول الغاز المكتشفة بالشراكة في مناطق توات على وجه التحديد بهدف رفع طاقة الإنتاج الذي تحدث عنه رئيس المجموعة في 2016 سواء بالنسبة للغاز أو البترول، مع الأخذ بعين الاعتبار أن معطيات تصدير الغاز لم تعد كما كانت عليه في سنوات 1990 و2000 عندما كانت سوناطراك تسيطر على 28% و16%على التوالي من حصة السوق في أوروبا، وتتوفر على زبون مهم هو الولايات المتحدة.
إن وضع السوق الدولية لم يتأثر فقط بالاكتشافات المهمة للغاز في العالم ومنها الاكتشافات المسجلة في مصر وشرق إفريقيا وإسرائيل وبحر غزة وأهم من ذلك في استراليا، وهي اكتشافات قلبت السوق العالمية للغاز في مجال الكميات والأسعار، لا سيما بعد تحول الولايات المتحدة إلى دولة مكتفية ذاتيا وشروعها في التصدير بفضل الغاز والنفط الصخريين، وشروعها في بناء محطات تسييل الغاز.
لقد عرف العالم دخول فاعلين جدد جد تنافسيين من حيث الأسعار والإستراتجية التجارية في السوق الأوروبية ومنهم قطر وروسيا بفضل الاستثمار في محطات الغاز المسال من الجيل الجديد من حيث التكنولوجيا وتكاليف منخفضة جدا هي الأدنى في العالم، وبتعداد سكاني أقل من سكان بعض الولايات الجزائرية، ومن جهة أخرى السيل الشمالي الذي يربط روسيا بأوروبا، والسيل الجنوبي الذي تم تجميده مؤقتا، وهذا ما سمح بنقل الغاز بتكلفة أقل من كلفة نقل الغاز المسال، يضاف إلى ذلك نتائج وتوصيات قمة المناخ الأخيرة في باريس التي تحث الدول على التوجه نحو المصادر الطاقوية المتجددة ونحو المزيد من الفعالية الطاقية، كلها عوامل ضاغطة على الإستراتيجية الحالية للجزائر في مجال الغاز على الرغم من أن الغاز يعتبر من المصادر النظيفة ومادة أولية للصناعة البتروكمياوية.
للتذكير فقد نزلت حصة سوناطراك في السوق الأوروبية إلى 8% فقط، في الوقت الذي تتراجع كميات الغاز المصدر نحو زبائن الجزائر التقليديين ومنهم إيطاليا بنسبة 40%، والولايات المتحدة التي توقفت عن استيراد الغاز الجزائري، أما زبائن الجزائر الأوربيين الأخريين، فأصبحوا يفضلون الأسواق الحرة بسبب السعر المنخفض مقارنة مع أسعار العقود الطويلة، في حين نجد أن قطر أكثر حضورا في الأسواق الحرة بفضل الغاز المسال، و ينتظر أن تشهد هذه الأسواق المزيد من المنافسة بمجرد دخول مصانع الغاز الخدمة في دول أفريقيا الشرقية وإسرائيل والنرويج واستراليا التي يتوقع أن تصبح أول منتج في العالم، مما يستوجب على سوناطراك تنويع أسواقها في مجال الغاز المسال لموجهة الوضع الجديد للسوق الغازية العالمية، باستغلال كل الفرص المتاحة أمامها، ومن ناحية أخرى تعزيز الاستثمار في نشاطات المصب من خلال أخد مساهمات في مجال التوزيع
في أوروبا بالاستفادة من الميزة التنافسية التي تتوفر لها وهي القرب الجغرافي وسمعتها العالية كمورد موثوق تاريخيا.
- خبير طاقوي.