أراء وتحاليلالجزائرالرئيسيةسلايدر

إما أن نُدعم تطهير الجزائر أو نغرق في مستنقع الفاسدين

لن نُبالغ ولن نُزايد، إذ نحن قُلنا بأن الكلمة التوجيهية التي ألقاها نهار اليوم، الفريق أحمد قايد صالح، بالناحية العسكرية الثالثة ببشار، شكّلت بحق تشريحا دقيقا وعلميا وعقلانيا للأزمة التي تمرّ بها البلاد، كما أنها حدّدت معالم خارطة التغيير التي يتوق إلى تجسيدها السواد الأعظم من الجزائريين، الذين يؤمنون بقدرة البلاد على تحقيق قفزة نوعية تُمكنها من تدارك الوقت الذي أضاعه عليها الفاسدون والمفسدون، والجميل هذه المرة في كلمة الفريق قايد صالح، أنه وضع النقاط على الحروف، وأغلق باب التأويلات الذي دأب عناصر العصابة وبيادقهم ومُشغليهم يفتحونه كلما صدرت إشارات أو تصريحات من المؤسسة العسكرية، بغرض التشويش على المغزى الحقيقي لها، وزرع الشكوك السامة في نفوس المواطنين.

هذه المرة أكّد الفريق قايد صالح، أن التغيير الصحيح والهادف، لا يمكن أن يتم في ظل بيئة سياسية واقتصادية مُلوّثة، وكأننا به يستلهم في ذلك ما يقوم به الأطباء الجراحون، الذين لا يقدمون على إجراء أي عملية جراحية، إلا بعد التشخيص الدقيق والمُعمّق للحالة المرضية، وبعد تطهير غرفة العمليات من الجراثيم والميكروبات، لأنه لا يكفي أن تنجح العملية الجراحية، ويترك المريض بعدها عرضة للجراثيم التي قد تفتك به في وقت قياسي، والظاهر أن هذا المنطق، هو الذي يُوجه تحرك المؤسسة العسكرية، التي تعي أن البيئة السياسية والاقتصادية، بلغت أعلى درجات التلوث، وبالتالي فإن استئصال ورم الفساد برأيها، يتطلب القضاء على الجراثيم والفيروسات، وتطهير الساحة بشكل كبير، لضمان عدم معاودة الداء الظهور من جديد.

كنّا من البداية نقول ونؤكد بأن المؤسسة العسكرية، هي من وفر الحماية للحراك الشعبي ورافقته إلى يومنا هذا بهدف الوصول به إلى تحقيق آمال وتطلعات الشعب الجزائري، وكلنا نُردّد بأن قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، المجاهد الفريق قايد صالح، لا طموحات له في خلافة الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، كما روّج لذلك بيادق فرنسا ورؤوس الشياطين في السياسة والإعلام، وأنّ همّه الأول والأخير، هو قيادة سفينة البلاد إلى برّ الأمان وسط الأمواج العاتية للفساد، واليوم، يؤكد الفريق المجاهد قايد صالح بصريح العبارة: “إننا لا نملّ من القول بأن الأولوية الآن هي الإسراع والتعجيل في انتخاب رئيس الجمهورية في الأوقات والآجال المتاحة دستوريا والمقبولة زمنيا، هذه الآجال التي وصلت اليوم إلى حدودها القصوى”، عبر الحوار الذي ترضي نتائجه أغلبية الشعب الجزائري، أي نتائج توافقية لبلوغ حل توافقي لفائدة الجزائر ولمصلحتها، أي مرّة أخرى نجد أن قيادة الجيش تُجهر برفضها الدوس على الإرادة الشعبية، وتدفع بقوة نحو اتفاق الجزائريين على انتهاج المسلك السياسي الشرعي الآمن، عبر الحوار المسؤول البعيد عن كل أنواع الأنانية، والذي يرتكز بالأساس على تقديم مصلحة البلاد على أي اعتبار آخر، لأن ذلك هو الذي يضمن القطيعة مع الدولة الموازية التي تلبس رداء الديمقراطية، وتكفر بإرادة الشعب، وتفرض سياسة التعيين “ولو كره الكارهون”.

وفي سياق مُتصل حملت كلمة الفريق قايد صالح تطمينات واضحة بل لنقل تعهدات لا غبار عليها، ولا لُبس فيها، بأنه “لا حدود لنطاق مكافحة الفساد ولا استثناء لأي كان”، وبأن الجيش سيُرافق العدالة من خلال توفير الحماية لها لتقوم بدورها التطهيري على الوجه الأصوب، ونودّ هنا أن نستبق ردود أفعال بعض المُشوشين، ممّن روّجوا لادعاءات مغرضة مفادها أن الجيش هو الذي يُوجه عمل العدالة، لنقول لهؤلاء أين كنتم عندما كان رجال أعمال وذوي صلات بكبار المسؤولين والوزراء وغيرهم، ينقلون القضاة ويرقونهم ويعزلونهم، بل أين كنتم عندما كان بارون الكوكايين كمال البوشي، يعبث في كواليس المحاكم والمجالس القضائية وحتى وزارة العدل، ويوجه القضاة لإصدار الأحكام التي يريدها، فالتاريخ يشهد أن لا أحد من أبواق الشرّ الذين يتطاول اليوم على جيشنا، نطق ببنت شفة لكشف ما حدث حتى لا نقول للتنديد به، وبالتالي يتوجب على هذه الأبواق أن تصمت وفي حال العكس من الضروري أن تتحرك القوى الخيّرة المحبة للجزائر قبل تَحرُّك الأجهزة الرسمية، لإسكات أبواق الفتنة، خدمة لمستقبل البلاد والأجيال الصاعدة، لأن ما تقوم به المؤسسة العسكرية اليوم، لا يعدو أن يكون مُرافقة للشعب ومؤسساته السيادية لاستئصال أورام الفساد والإفساد، وإن أراد الشعب الحياة الكريمة فلا بُدّ أن يستجيب القدر، أما إذا انجرّ لا قدّر الله وراء فتاوى رؤوس الشياطين، فما علينا إلا أن نُحضّر أنفسنا للغرق في مستنقع فساد أعمق ممّا رأيناه مع العصابة التي فُتحت أبواب السجون لها.

زكرياء حبيبي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى