أراء وتحاليلاقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدر

اتفاق الجزائر ورهانات الأسواق النفطية!

د. بغداد مندوش*

اتفاق الجزائر نهاية سبتمبر لدول أوبك، تم وصفه بالتاريخي، وأثار أمالا لدى حكومات وشعوب الدول التي تعتمد اقتصادياتها على ريع النفط على غرار فنزويلا ونيجيريا وبطبيعة الحال الجزائر.

الجميع يعتقد أن العام 2017 سيشهد ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات في حدود 55 إلى 60 دولار، عقب اجتماع نهاية نوفمبر بالعاصمة فيينا، والذي سيخصص استثناءا لتنفيذ اتفاق الجزائر، حيث تقوم لجنة مختصة على تحديد حصص الإنتاج الخاصة بكل دولة، في حين أن أسواق النفط أعقد مما نتصور. وإضافة إلى ضرورة احترام الأساسيات: الطلب والعرض ومستوى المخزون وسعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية والوضعية الجيو-استرتيجية، وأيضا الاكتشافات النفطية والغازية الهامة في العالم التي ستؤثر على مستوى العرض.

bagdad

الطلب على النفط خلال 2017 بحسب توقعات أوبك وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، لن يرتفع بشكل قوي، وسيكون في حدود 95.5 مليون برميل يوميا، أي بزيادة 1 مليون برميل مقارنة مع العام 2016، وهذا بسبب ركود نمو الاقتصاد العالمي في حدود 3%، فضلا عن ارتفاع المخزون العالمي وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن مستوى تسقيف الإنتاج من طرف أوبك لا يكفي لامتصاص الفائض المقدر بـ2 مليون برميل يوميا، وهو ما يتطلب انخراط الدول المنتجة من خارج أوبك وخاصة روسيا في عملية تخفيض الإنتاج من أجل التأثير على الفائض في السوق حاليا، هذا بالإضافة إلى فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، وبرنامجه الاقتصادي الذي يتضمن تخفيض الضرائب وحفز إضافي للقروض وخفض الضرائب على الصناعة البترول والغاز الصخري، مما يسمح بدخول حقول جديدة مرحلة الإنتاج بعد توقفها بسبب تراجع الأسعار إلى مستويات 45-50 دولار.

ويقدر الإنتاج الإجمالي لهذه الحقول بـ 1 مليون يوميا، ولكن يجب الانتباه دائما إلى أن هناك العديد من الحقول المجدية اقتصاديا حتى في حال نزلت الأسعار إلى 45 دولار للبرميل، وإنتاج هذه الحقول بلغ 4 مليون برميل يوميا.

وبالإضافة إلى الوضعية في الولايات المتحدة، هناك كازاخستان التي أكتشفت حقل كاشغان العملاق في بحر قزوين عام 2000 والذي دخل الخدمة بإنتاج يومي في حدود 350000 برميل، والذي يمكنه الوصول إلى 1 مليون برميل يوميا، أو ما يعادل إنتاج الجزائر حاليا، ثم أن العديد من الشركات العالمية الرئيسية على غرار توتال وإكسون موبيل وسي أن بي سي الصينية وإيني وغيرها مساهمة في المشروع الضخم الذي تطلب استثمار 50 مليار أورو لدخوله الخدمة، فيما كشف العديد من المسؤوليين الكازاخيين عن دخول مراحل أخرى من المشروع الخدمة بهدف زيادة الإنتاج من أجل تحقيق العائد على الاستثمار في أقصر مدة ممكنة، وهو ما يمثل ضغطا جديدا على مستويات الأسعار في العام 2017 بالنظر إلى العرض الإضافي لهذا الحقل العملاق.. لهذه الأسباب مجتمعة، يجب التعامل مع التصريحات التي تأتي من هنا وهناك، وخاصة من بعض الجهات التي لا تعرف جيدا الصناعة النفطية بأقصى درجات الحذر.

 

* خبير طاقوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى