بين الفكر والسياسة

الثقافة الثيوقراطية و القنبلة الذرية

بقلم: نور الدين بوكروح

ترجمة: الحوسين شايب 

” إن العالم الحالي سينتهي، وسيأتي بعده عالم جديد، دون أن يكون للمسلم دورا فيه، ولا مدركا للعوامل والقوى التي تتدخل في مستقبله. هذا العالم يريد تحويل كل البلدان الإسلامية إلى ساحة معركة حتى لا يتحقق أي عمل صالح، و أيضا لتدمير كل ما وجد إلى الآن بحيث يصبح استعماره في المستقبل ممكنا. ولهذا يجب أن يستحوذ العالم الإسلامي على التكنولوجيا النووية، ويسخر الطاقة الذرية”. مالك بن نبي ” المشكلة اليهودية” (1951).

أثناء مقابلة بين أوباما و الوزير الأول الإسرائيلي بن يامين نتانياهو سنة 2012، أهدى هذا الأخير للرئيس الأمريكي قبل أن يفترقا هدية غير منتظرة ولكنها معبرة، إنها جزء من الكتاب المقدس، وهو كتاب أستير “Livre d’Esther ” على اسم امرأة يهودية من قبيلة بن يامين، والتي كانت في القرن الخامس قبل الميلاد زوجة لملك الفرس “أوسيريس”  Assuérus الذي لم يكن على علم بديانتها، والتي تمكنت من إنقاذ اليهود من هلاك مؤكد، وأثناء تسليمه للكتاب قال نتانياهو لأوباما ” هو الأخر (أي ملك الفرس) كان يريد إبادتنا.”وكأنه يتحدث عن إرهابي محل بحث منذ…..25 قرنا.

لا ندري من هو المقصود بالذات لأن وحسب كتاب أستير نفسه، فإنه الوزير الأول هامان Haman وليس الملك الذي ربما يكون هو مدبر هذا المقلب، والذي أعدم إثر تخطيطه لهذه الفكرة، وهذا بعدما كشفت أستير أمره إلى الملك أوسيريس، وتحت تأثير أستير أصدر الملك قانونا ينص على: ” السماح لليهود مهما كانت المدينة التي يقطنون فيها، بالتجمع والدفاع عن أنفسهم، وهذا بإبادة وقتل كل الجماعات المسلحة لفئة أو مقاطعة ما، التي يمكنها الإعتداء عليهم بما في ذلك الأطفال الصغار، النساء، والاستيلاء على ممتلكاتهم.”

و يسترسل كتاب أستير:” كثيرا من أعضاء الفئات الأخرى من سكان البلد ادعوا بأنهم يهود لشدة خوفهم منهم، وجاء دور اليهود للسيطرة على كل الذين يبغضونهم، كانوا يتجمعون في مدنهم، وكل مقاطعات الملك أسيريس، وهذا للتعاون  فيما بينهم ضد كل الذين يريدون إيذائهم. ولم يتجرأ أحد على مقاومتهم وهذا لخوف الفئات الأخرى منهم. زيادة على ذلك فإن زعماء المقاطعات بما فيهم المزربان (كلمة فارسية تعني حاكم الإقليم وتقابلها بالفرنسية كلمة: satrapes ( الحكام والموظفون كانوا ينتصرون لليهود…، وهؤلاء ضربوا أعناق الكل وأبادوهم، وكانوا يتصرفون كما يريدون مع الذين يبغضونهم….”

هذا في رد انتقامي لكل تهديد لم يصل إلى درجة التنفيذ تماما كما كان حال الملف النووي الإيراني. المؤرخون لم يجدوا أي رواية لهذا السرد الموصوف “بالقصة التاريخية” مع التاريخ المحقق للإمبراطورية الفارسية. لكن هذا ليس الأهم، المهم هو أن الإسرائيليون يؤمنون بهذه “الحادثة” ويطبقونها كفرض ديني. لا يجب النظر إلى هدية نتنياهو على أنها دعابة أو إثارة لكن هي مجرد دليل على عقيدة إيمانية وهي أن إسرائيل لا تنصت إلا إلى صوت تاريخها ولا تؤمن إلا بكتبها المقدسة سواء كانت مثبتة علميا وتاريخيا أو لا. و الامتثال  للقوانين الإنسانية وإلى القانون الدولي يأتي في المرتبة الثانية، وهذا بشرط أن تخدم مصلحتهم.

قصة أستير كانت أيضا بالإضافة إلى كونها الحدث الجديد،  و الخبر الساخن الذي جاء نتنياهو للخوض فيه مع الرئيس الأمريكي. وقبل أن يغادر البيت الأبيض صرح أمام وسائل الإعلام بأن “إسرائيل متحكمة في مصيرها.”

بعدها تنقل إلى اجتماع اللوبي الموالي لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية، أشهر وأقوى منظمة AIPACالتي قال أمامها ” لقد منحنا الوقت للدبلوماسية وللعقوبات، ولا نستطيع الانتظار أكثر…”، و لا أدع أبدا شعبي يعيش تحت تهديد الإبادة” وتحدث في هذه المناسبة مردوخي، الرجل الذي بواسطة دهائه وضع أستير  في مجلس حريم أوسيريس، وأمنيته أن تصبح ملكة الفرس، وهو المشروع الذي تحقق، وفي نهاية القصة، يعلمنا كتاب أستير بأن “اليهودي مردوخي كان الرجل الثاني للملك أوسيريس، ولعب دورا مهما لصالح اليهود، وكان محترما من جملة إخوانه.” كان يبحث عن سعادة شعبه وساهم عبر آرائه في رفاهية بني جلدته.”

قولدا ماير Golda Meyer التي شغلت منصب الوزير الأول الإسرائيلي السابق، صرحت في سيرتها الذاتية عبر كتابها ” حياتي”، ذكرى لحادثة ظلت راسخة في ذهنها إثر محاضرة دولية حول اللاجئين اليهود في إيفيان ليبان Evian-les Bains(فرنسا) حيث كانت حاضرة خلال سنوات الثلاثينات، كانت صاخبة إثر تصرفات ممثلي الدول الغربية الذين تداولوا على المنصة ليعبروا عن تعاطفهم مع اليهود بدون مساعدتهم فعليا، وكانت ردة فعلها كالآتي ” بالنسبة لسؤال نكون أو لا نكون، فإن كل أمة يجب أن تأتي ببادرتها، اليهود لن يستطيعوا ولا يجب عليهم انتظار أي كان لبقائهم على قيد الحياة” هذه المرأة التي شغلت منصب الوزير الأول في مرحلة حرب أكتوبر 1973، كانت قاب قوسين أو أدنى من استعمال السلاح النووي ضد مصر وسوريا لقد لزم تدخل الرئيس الأمريكي نيكسون Nixon  بكل قوته لعدولها عن ذلك، وبدلا من ذلك مدها بجسر جوي لتموينها بالسلاح والذخيرة المرخصة دوليا  التي كانت تطلبها، وإمدادها كذلك بالصور الحية للأقمار الصناعية لساحة المعركة.

إنها نفس العقيدة التي طبقها مناحم بيقين Menahem Begin في سنة 1981 عندما أمر بتدمير المفاعل النووي العراقي المسمى أوسيراك (Osirak) وهي نفس العقيدة التي تدفع اليوم بن يامين نتنياهو، وهذه العقيدة  ليست إلا ترجمة للثقافة الدينية التي تحكم الفلسفة السياسية و الأستيراتيجية الدائمة لحياة إسرائيل. الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا لم يقصوا الخيار العسكري، كان لهم دور في كبح جماح الحرب لدى إسرائيل بحجة أن العقوبات تكفي لإضعاف النظام الإيراني، والذي سوف يجبر على التخلي عن طموحاته. وإذا لم يتأتى ذلك، يمكنهم مهاجمة إيران وقد استنفذت قواها، وأصبحت منعزلة عن العالم، كما حدث للعراق سنة 2003. ولقد استبعد هذا الخيار بعد حصول الإتفاق بين إيران ومجموعة 5+1، والذي ينص على تخلي النظام الإيراني عن برنامجه النووي، والذي لن يكون إلا مدنيا.

إسرائيل بدأت في السيطرة على الطاقة الذرية في سنوات الستينيات، وإيران بدأت بالاهتمام بالأمر في سنوات السبعينيات. الأولى بدأت في إنتاج وبسرية تامة المئات من القنابل الذرية، لكن الثانية أحدثت صخب غير مسبوق بالليل والنهار أمام العالم، وتحت نظر مصالح مخابرات العالم بأسره، وتحت وطأة فضول  كل سذج المعمورة، لم نتنج سوى 3% أو20 % من تخصيب اليورانيوم رغم أن مرجعيتهم دينية كذلك، يبدوا أن الحاخام وآية الله ليست لديهم نفس الفاعلية.

هل يعرف علماء الشيعة أو السنة كتاب أستير؟ إنني لا أظن ذلك لأنه لم يكن ليحدث للمسلمين ما حدث لهم منذ قرن وسيبقى واقعا مستقبلا. لم يكونوا قادرين منذ حقبة المعتزلة سوى في ابتكار القنابل البشرية، والمجازر الانتحارية، وبعبارة أخرى المقلاع ضد الطائرة الصغيرة بدون طيار المستعملة للتجسس. وعلماؤهم ليسوا خبراء إلا في معرفة الماضي والبحث عن الشيطان في كل التفاصيل.

إن إيران لم يكن لها لتربح هذه الحرب في حالة حدوثها، بالرغم من حقها المشروع  إلا بمطالبتها بقانون دولي ذو هندسة متغيرة والذي ليس في إمكانياتها. كان يجب على إيران اكتساب “حاخامات” في مكان علمائها “المتمتعون بالعصمة” وإذا أعلنت الحرب فإن الغرب كان سينقض عليها كرجل واحد، وخصوم إيران يمتلكون أنظمة للهجوم والدفاع في غاية التطور بالنسبة لما تمتلكه.إنهم ينتجونها بأنفسهم وحسب إرادتهم، ولديهم خلفهم من يسند و يعززوا قدرتهم الحربية، اقتصاد لا ينضب. وكما هو حال حربي الخليج إنهم يعرفون إلى من يبعثون الفاتورة حين انتهاء تنفيذ العمل.

في الحقيقة إن هذه الحرب قد تمت بشكل عمليات سرية قامت بها مصالح المخابرات لتلك الدول ضد مصالحهم المتبادلة، حدث سنة 2008 هجوم ضد النظام المعلوماتي للمنشآت النووية الإيرانية، وبواسطة فيروس مدمر مصمم من طرف الخبراء الإسرائيليين، وقل بمساعدة بعض الأمريكيين ويسمى هذا الفيروس ب”ستكسنات”  “Stuxnet كان له دور في اضطراب نظام الآلات الطاردة Centrifugeuses في معمل تخصيب اليورانيوم في ناتانز. وقد أثار تعطيل الآلاف منها، ويقال أن هذا الفيروس ذو درجة عالية من التصميم يخفي عناصر أخرى مبرمجة من أجل التفعيل مرة أخرى، وقد حدثت لذلك الكثير من الاغتيالات لعلماء إيرانيين، وكذلك إنفجار عند إطلاق صاروخ بعيد المدى المسمى شهاب في قاعدة عسكرية قرب طهران، والذي تسبب في وفاة عشرات العسكريين وعلى رأسهم الجنرال المكلف بنظام الصواريخ. وقد تمت إعادة برمجة الصاروخ من طرف الموساد. وكذلك الاغتيالات عبر السيارات المفخخة والتي حدثت منذ بضع سنوات في تايلاندا وجورجيا والهند ضد دبلوماسيين إسرائيليين بدون إحداث قتلى بين المجروحين في الحالات الأولى، ليست لدينا الأدلة بأن هذا العمل الإجرامي والاغتيالات كانت وراءه، لأن عملائها لم يتركوا أي أثر، لكن في الحالة الثانية فإن الإيرانيون قبض عليهم مباشرة.

لا نستطيع سوى أن نرى بأن حرب الظل لم تكن لصالح مصالح المخابرات الإيرانية وأن لو كانت إيران قوية بالأقوال فإن إسرائيل قوية بالأفعال.لا يكفي أن إسرائيل لا تعلن عن نواياها لكن في حالة ضرب مصالح إيران فإنها تنفي كما هو الحال حينما دمرت المنشآت النووية السورية سنة 2007. أفعال وتصرفات إسرائيل مباشرة كما هي عادتها وقادتها لا يصرحون بمشاريعهم للعلن في يوم السبت كما يفعل القادة الإيرانيون خلال صلاة الجمعة.

إن للحرب أوجه متعددة فمنها الوجه السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والتكنولوجي والعسكري ولم تهمل إسرائيل أي منها فعلى الصعيد السياسي فإنها تسعى منذ أمد بعيد إلى جر أغلب القوى السياسية الداخلية نحو الخيار العسكري وإعداد الرأي العام للحالة التي تنجر عليها.وعلى الصعيد الإعلامي فإنها جندت علاقاتها لمشروعية الخيار العسكري في أعين الرأي العالمي. وعلى الصعيد الدبلوماسي فإنها عملت على عزل إيران على الساحة الدولية وتجريمها من طرف منظمة الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وواصلت في المطالبة بإثقال وتضخيم العقوبات الاقتصادية وهذا بتفعيل لوبياتها بهدف خنق الاقتصاد الإيراني. تلك العقوبات التي أحدثت نتائج وخيمة على إيران حتى فقدت عملتها النقدية نصف قيمتها بالنسبة للعملات الأجنبية، وعرفت أسعار المواد الغذائية زيادة بنسبة 30%.

وعلى الصعيد التكنولوجي، فإن إسرائيل كانت تهيئ نفسها ومنذ مدة طويلة لمواجهة سريعة ومباغتة، وهذا بنزع العوائق التي تقف في طريها الواحدة تلوى الأخرى، وخاصة إبعاد الأهداف( 3000 كلم ذهابا و إيابا) وتوزيعها عبر التراب الإيراني. إن المهندسين الإسرائيليين قد جهزوا أسطولهم بمائة طائرة مخصصة لهذا الغرض، ولهذه الطائرات خزانات خارجية إضافية للزيادة من استقلاليتها في الجو. والقنابل التيرمونووية B 61 ذات الشدة الضعيفة، كانت مهيأة للاستعمال زيادة إلى القنابل الأمريكية GBU-28,31,39,97 التي وزنها 14 طن للواحدة والتي بإمكانها إختراق جدار من الإسمنت المسلح الذي يفوق سمكه  (60 متر؟). المخططات جاهزة لحجب وتدمير أنظمة الرادار والأسلحة المضادة للدفاع الجوي الإيراني قبل دخول القاذفة للمجال الجوي الإيراني، وتدمير أسطولها البحري.

الجيش الإسرائيلي يتدرب منذ أعوام على هذه المهمات، لكن كل الإجراءات قد إتخذت للحد إلى أقصى درجة من تبعيات رد فعل إيراني عن طريق الصواريخ أو أي هجوم قادم من جنوب لبنان أو من غزة. وعدد الخسائر البشرية المدنية الإسرائيلية قد حدد بأقل من 500 نسمة، وأدخلت ضمن المعطيات العامة في المخطط.. ولم يتسرب شيء حول الأهداف المحددة لكن الكل يفترض أن من بينها نوجد مصانع تخصيب اليورانيوم لناتاز و قم، ومركز الأبحاث النووية لأصفهان، ومفاعل بوشهر، وموقع بارشين. لإسرائيل هدف أساسي في نظرها ألا وهو عدم إزهاق أي روح مدنية إيرانية وهذا لتجنب إلتفاف الجماهير حول النظام الإيراني.

وإيران كانت على علم بكل هذا وكانت في حراك مع تهديد التدخلات “المؤلمة”، ولا تجهل إيران أنها محاطة من كل جهة بالوجود العسكري الأمريكي في شبه الجزيرة العربية وأفغانستان و بلدان أخرى من آسيا، وقواعد حلف الناتو بأوربا وتركيا، والقواعد الموجودة بفرنسا والإمارات العربية المتحدة…، الأمريكيون و حلفائهم متواجدون كذلك فوق وتحت البحار، ومستعدون في أي لحظة لإطلاق الصواريخ والقذائف. و إيران تهدد بجعل المعابر البحرية التي تراقبها غير قابلة للاستعمال، وتهدد كذلك باستهداف آبار النفط المتواجدة في المنطقة. ولكن قوات التحالف لن تسمح للإيرانيين بإلحاق الضرر بالمنشآت النفطية في المنطقة والتي قد تغرق الاقتصاد العالمي وتؤدي إلى قيامته في حال حدوثها، إنهم يأخذون بعين الإعتبار هذه الفرضية ونتائجها على اقتصادياتهم، لكن أمن إسرائيل يأتي قبل كل شيء.

في فرضية الحرب بين إيران وإسرائيل كان الفرس الشيعة هم الذين سيضربون، لكن المسلمون في عامتهم هم الذين سوف يذلون. لو اندلعت تلك الحرب لمست  كل الشعوب الإسلامية و أحرجت حكومتها. ولمسّتنا كجزء من العالم العربي الإسلامي، حتى ولو لم نكن شيعة وكنا سنة، حتى ولو لم نكن عربا وكنا بربر. إن قيادتنا ستقتصر على التنديد. لكن شعبنا سيتعاطف تلقائيا مع الإيرانيين وهذا لإسلامهم، والإسلاموية المحيطة بنا، وسياسة الكيل بمكيالين في العلاقات الدولية للقضية الفلسطينية و الإسلاموفوبيا.

كان هدف إسرائيل من ضرب إيران واضحا، لكن لم نفهم هدف إيران من التهديدات المتلاحقة التي وجهتها لإسرائيل. الفوائد التي قد تجنيها إسرائيل من تلك الحرب جليّة وهي تدمير القدرات النووية الإيرانية و تقويض قوتها على الصعيد الإقليمي كمنافس لها، لكننا لا نرى ما ستجنيه إيران. أما عن الرأي العام الدولي فإنه سيرى مرة أخرى البلدان الإسلامية أنها مثيرة للشغب، ومهزومة إثر أول مناوشة مع من هو (أصغر) منها، وهذا يذكرنا بأسطورة الضفدعة التي أرادت أن تكون أكبر من الثور.

لكن كل قواعد اللعبة في المنطقة تغيرت استراتيجيةً وفاعلين، فمن صراع اسرائيلي- ايراني الى صراع سعودي- ايراني او لنقل حرب سنية – شيعية ، فما هي أهدافها ؟ من سيقودها ؟ و من المستفيد منها؟

صدر المقال في: 22 أفريل 2012

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى