الجزائرالرئيسيةسلايدر

المال يرسم زواجه بالسياسة في الانتخابات البرلمانية القادمة

نسرين لعراش

ستوشح قوائم الأحزاب السياسية الرئيسية في الموالاة كما في المعارضة بقوى المال خلال الانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها في مايو القادم.

ويشير مراقبون إلى أن الباب بات مشرعا لأصحاب الثروات التي تشكلت على مدار العقد الأخير ليشترون الحصانة البرلمانية التي تقيمهم شر القادم من تقلبات، كما تسمح لهم بالهيمنة على البرلمان وتمرير القوانين التي تخدم مصالحهم بشكل مباشر.

وبحسب المعطيات الأولية التي حصلت عليها “الجزائر اليوم” من مصادر قيادية داخل حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم والتجمع الوطني الديمقراطي ومن مسؤولين كبار في منتدى رؤساء المؤسسات، فإن العشرات من رجال المال شرعوا في إعداد العدة لحجز مقاعدهم في البرلمان الجزائري القادم.

وأكد أكثر من مصدر في الحديث لـ”الجزائر اليوم” أن رجال أعمال مستقلين وحزبيين تواصلوا رسميا مع قيادات الأحزاب الرئيسية لحجز مقاعدهم على رؤوس القوائم في الولايات الرئيسية ومن بينهم التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة التحرير الوطني والحركة الشعبية الجزائرية وبعض رجال الأعمال المنتمية للأحزاب الإسلامية الرئيسية ومنها حركتي حمس والعدالة والتنمية.

وسيكون الصراع بين حزبي السلطة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، شرسا للفوز بأكبر عدد من “أصحاب الحقائب المنتفخة” استعدادا لما بعد الانتخابات البرلمانية.

وتمكن التجمع الوطني الديمقراطي من سحب البساط من تحت أرجل غريمه جبهة التحرير الوطني، من خلال “تجنيده” للعديد من رؤساء المجمعات الصناعية والشركات الخاصة المهمة في الجزائر، بما تمثله من ثقل مالي ووعاء انتخابي أيضا بالنظر إلى تأثير أصحابها في ولايتهم الأصلية على غرار مجمعات “كوندور” و”كونديا” ومجمع حداد ومجمع “سيم”ومجمع “متيجي” ومجمع “سيلاس” و”عمر بن عمر” ومجمع “ايفال” ومجمع “يايسي”، بالنسبة للتجمع الوطني الديمقراطي بقيادة أحمد أويحي الذي قرر فتح قوائم حزبه لأصحاب المال استعدادا للانتخابات الرئاسية للعام 2019 .

وتشير مصادر جيدة الاطلاع، إلى أن العديد من رؤساء المؤسسات الذين سيترشحون ضمن قوائم التجمع الوطني الديمقراطي، هم في الأصل من المستفيدين من خوصصة الشركات العمومية بالدينار الرمزي بين 2003و2010.

 

جبهة التحرير لن تشد على القاعدة

خلافا للخطاب الذي يردده جمال ولد عباس، سيكون الأمين العام للحزب عاجزا تماما عن صد رياح المال العاتية التي بدأت في الهبوب على قوائم الحزب في الانتخابات البرلمانية القادمة.

وإلى جانب رجال المال الذين سيتربعون على عروش قوائم جبهة التحرير الوطني، هناك أزيد من 10 وزاراء حاليين وسابقين ستتضمنهم قوائم الحزب على المستوى الوطني في الربيع القادم، ومنهم الوزير المستشار المكلف بالإعلام الجديد الدكتور موسى بن حمادي الذي سيترأس قائمة الحزب ببرج بوعريريج.

وإلى جانب قوى المال المنتمية لجبهة التحرير المتواجدة في البرلمان الحالي على غرار محمد جميعي الذي ليس من مصلحته التخلي عن الحصانة البرلمانية بسبب ملفات قديمة له قد يعاد فتحها في قادم الأيام، وحتى بهاء الدين طليبة رغم متاعبه بعد تنحية عمار سعداني، فضلا عن جمال بوراس نائب الجالية المدعوم من طرف رجال أعمال كبار جدا.

ومن بين الوجوه الجديدة المنتمية لمنتدى رؤساء المؤسسات التي اختيرت لتوشيح قوائم جبهة التحرير، كمال مولة رئيس مجمع “فينيس” لرئاسة قائمة جبهة التحرير بولاية البليدة وجيلالي بن أحمد رئيس مكتب منتدى رؤساء المؤسسات بوهران الذي سيرأس قائمة الحزب بذات المدينة.

 

عمارة بن يونس وعمار غول..المكافئة

بغض النظر عن وجود رجال أعمال يقتنعون سياسيا بتوجه عمارة بن يونس وعمار غول، إلا أن السلطة في شكلها الحالي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن لا تلقي بالا لمن ظل يخدمها لمدة 15 عاما بالنفس والنفيس.

ولاعتبارات سياسية بحتة، سيكون عمارة بن يونس القوة السياسة الثالثة في البلاد، لأنه الشخص المناسب لتمثيل منطقة القبائل واستعماله لترويض التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية وجبهة القوى الاشتراكية بوصفهما القوى التقليدية في المنطقة.

وفي العاصمة الجزائر على سبيل المثال، سيقود قوائم الحركة الشعبية صالح عبد الصمد ومهدي بن ديمراد، نواب رئيس منتدى رؤساء المؤسسات.

وتشير العديد من القراءات إلى أن الدخول القوى لقوى المال إلى البرلمان، يعتبر مجرد مرحلة أولى ضمن إستراتيجية شاملة تهدف للسيطرة على الحكم بشكل مباشر بعدما تبين لهم أن الدولة مترددة جدا في مباشرة إصلاحات اقتصادية وانفتاح جدي، وأن السلطة الحالية باتت عقبة حقيقية أمام طموحاتهم.

ويكشف مصدر مسؤول، أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يعتبر العقبة الأساسية في نظر هذه القوى التي “انتفخت” كثيرا خلال السنوات الأخيرة، مضيفا أن الدستور الحالي سيمكنهم من تمرير العديد من القوانين التي تخدم مصالحهم الشخصية مما يجعل من سطوة رجال الأعمال على البرلمان، أمرا فى غاية الخطورة، نتيجة السعي الصريح لتشكيل قوة برلمانية تعمل لصالحهم، في عدة أمور ومنها التشريعيات الخاصة بالضرائب والاقتصاد عموما، ليتم ترسيم وبشكل قانوني الزواج بين المال بالسلطة، مما سيكون له عواقب غاية في الخطورة على استقرار المجتمع الجزائري الذي يمر بمرحلة هشاشة خطيرة من جراء تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية وانعكاسهما على قدرة الدول على الاستمرار في أنظمة الدعم السخية.

وفي حال نجحت الخطة المحكمة المرسومة فإن البلاد تتجه رأسا لتكرار سيناريو الرئيس المصري حسنى مبارك خلال السنوات الأخيرة من حكمه، حيث تحول البرلمان المصري إلى مرتع لرجال الأعمال الفاسدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى