اقتصاد وأعمال

“بنما بيبرز”: هل يفلت برارحي من العقاب بالتقادم؟

نسرين لعراش

كشف “تحالف الصحفيين المحققين”، الذي فجّر فضيحة “أوراق بنما”، وثائق محرجة جدا للحكومة الجزائرية، حيث نشرت صحيفة “لوموند” المشاركة في التحقيق بالتفاصيل، جرائم  احتيالية ونهب للمال العام قام بها مستورد جزائري لبودرة الحليب، تناولته الصحيفة في عددها ليوم الجمعة بالاسم الكامل والعنوان ومقر الشركة وإسمهما وكيفية تأسيسها في العام 2007.

وقالت لوموند نقلا عن وثائق بحوزتها، إن زوبير برارحي، البالغ من العمر 73 عاما، هو المالك الحقيقي لشركتي “داير فود انغردينت المحدودة” و”أكسفورد شيميكل المحدودة”، بالشراكة مع ابنه جواد البالغ 45 سنة، مدير مصنع واد السمار الذي تسيره شركة “ليكو”، قام بممارسات احتيالية كبذت الخزينة العامة في الجزائر 1.2 مليون دولار شهريا بسبب تضخيم فوتير بودرة الحليب المستورد من أوكرانيا مقابل 5600 دولار للطن فيما لا يتجاوز متوسط سعر الطن بين عامي 2007 و2009 في السوق العالمية 2400 دولار.

ولا نعرف ما إذا كانت العدالة الجزائرية والسلطات المسؤولة عن مراقبة التجارة الخارجية ومراقبة عمليات الصرف لدى بنك الجزائر ستتحرك، أم أنها – هذه الهيئات كلها – ستعتبر القضية سقطت بالتقادم، للسماح لبرارحي المسوؤل السابق في قطاع الطيران الجزائري من الإفلات العقاب.

وكانت السلطات الرسمية في الجزائر، أعتبرت تناول “بنما بيبرز” لأسماء وزراء في الحكومة ورؤساء مؤسسات خاصة، بمثابة التحايل على الجزائر، في الوقت الذي سارعت فيه العديد من الحكومات حول العالم إلى مساءلة من تناولهم التحقيق وطالبتهم بالعمل على تبرئة ساحتهم أمام القضاء، وهو ما لم يحصل في الجزائر مع من تناولهم التحقيق سواء الموجودين داخل البلاد أو الذين “يتنعمون” بالأموال المنهوبة من الخزينة العمومية نحو الجنات الضريبية.

وتبين لوموند، أن برارحي، استفاد كغيره من محبي رياضة نهب المال العام تحت غطاء الاستيراد، استعان من خدمات مكتب المحاماة البنمي “موساك فونسيكا” لإنشاء شركتين “أفشور” في الجزر العذراء البريطانية.

وتعمل شركتي برارحي على تسيير المحفظة التي تم توظيفها في بنك القرض السويسري (Credit Suisse) بجنيف، بالإضافة إلى الوساطة في عمليات الاستيراد بالنسبة لشركة Dairy Food Ingredients Ltd، حيث تستخدم هذه الشركة لفوترة عمليات استيراد غبرة الحليب، بمعنى أن برارحي يقوم ببيع الحليب المستورد لنفسه، والسلطات المتخصصة في الجزائر تتفرج عليه كما تتفرج على أمثاله بالعشرات وبخاصة في قطاع التجارة الخارجية الذين تناسلوا بطريقة الفطريات البرية خلال فترة البحبوحة المالية التي شهدتها البلاد بين 2004 و2014.

الغريب أن شركة “ليكو” ومثلها العشرات بل المئات من الشركات التي تأسست خصيصا للاستفادة من الإعفاءات الجبائية والضريبية التي توفرها الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، سارعت إلى تزوير الحسابات وإعلان نتائج سلبية حتى لا تدفع الضرائب على الرغم من أن رقم أعمالها تضاعف من 8.57 إلى 19 مليون دولار بين 2007 و2008 أي بعد سنتين من النشاط، فهل كان هذا “المستثمر” ليجرأ على نهب المال العام لو لم يتوفر على حماية من جهات نافدة؟

السؤال هل سيتم فتح تحقيق في ممارسات هذه الشركة، أم أن عامل الزمن كان كفيلا بتمكينها من الإفلات من العقاب بحجة التقادم المنصوص عليه؟ وهل ستكون لحكومة الشجاعة لفتح تحقيق حول ألاف من الشركات الوهمية التي أستفادت من الاعفاءات الجبائية من الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار بغير وجه حق لتحويل ثروات إلى الخارج؟ الزمن كفيل بالإجابة وربما الازمة المالية العاصفة التي تمر بها البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى