اتصالالجزائرالرئيسيةسلايدر

بوتفليقة يحسم في الترشح لعهدة جديدة: جدل حول مصير أويحيى..!؟

د. محمد لعقاب

بعد أقل من 3 أشهر عن موعد الانتخابات الرئاسية المفترضة دستوريا يوم 18 أبريل 2019، لم يستطع النظام الجزائري حسم أموره، حيث عاد الحديث عن ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة، بعدما كان الحديث عن تمديد الفترة الرئاسية الحالية لسنتين.

أعلنت مصادر من حزب جبهة التحرير الوطني (حزب الرئيس بوتفليقة) وحزب تجمع أمل الجزائر، وهو حزب مقرب جدا من الرئيس بوتفليقة، أن خيار تمديد العهدة الرئاسية الحالية أصبح غير مطروح تماما، وأن العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة باتت الخيار الأفضل في الوقت الحالي.

وحسب معلومات خاصة، من مصادر مقربة جدا، فإن الرئيس بوتفليقة سيدعو الهيئة الناخبة رسميا يوم 18 يناير القادم أو يوم 25 يناير كأقصى حد، ويكون ذلك بمثابة الإعلان عن انطلاق العملية الانتخابية، بمعنى شروع المترشحين في جمع 600 توقيع من قبل المنتخبين المحليين من 25 ولاية على الأقل، أو 60 ألف توقيع من المواطنين من 25 ولاية على الأقل.

ويبدو، أن خيار تمديد الفترة الحالية للرئيس بوتفليقة، فهمها الكثير من المحللين على أنها نزولا عند رغبة حركة مجتمع السلم التي دعت إلى تأجيل الانتخابات لمدة عام أو عامين شرط عقد ندوة وطنية تسمى ندوة الإجماع و يتم الاتفاق فيها على الخطوط الكبرى للمرحلة القادمة.

وبعدها دعا عمار غول، رئيس حزب تجمع أمل الجزائر، المقرب جدا من الرئيس بوتفليقة إلى عقد ندوة وطنية، وتأجيل الانتخابات، لكن حركة مجتمع السلم اتهمته بالسطو على مبادرتها. ويبدو لي أن هذا الجدال كان أحد السباب إلغاء فكرة التمديد، وسقوطها في الماء.

ويضاف إلى ذلك أن فكرة تمديد الفترة الحالية للرئيس بوتفليقة تقتضي مسارا معقدا، حيث تمر حتما عبر تعديل الدستور، ثم جمع البرلمان بغرفتيه للمصادقة على التعديل، وكان يجب أن تتم هذه العملية قبل 18 يناير الجاري. لذلك سقط هذا الخيار باعتبار أن مجلس الأمة شهد انتخابات يوم 29 ديسمبر وصادق المجلس الدستوري على نتائجها يوم 5 يناير، ولحد الآن لم يتم تنصيب الفائزين أي النواب الجدد، مما يعني أن تعديل الدستور أصبح أمرا غير محبذ، إلى جانب رفض شريحة واسعة من المواطنين والمعارضة والإعلاميين والمحللين فكرة تعديل الدستور في كل مرة.

كذلك، يظهر حسب التحليلات الإعلامية، أن الحديث عن تعديل الدستور بخلق منصب نائب الرئيس اصطدم بصراع أجنحة الحكم، حيث أصرت بعض الأجنحة على تعيين أحمد أويحيى نائبا للرئيس وهو الأمر الذي رفضته أجنحة أخرى بقوة، والعكس صحيح، أي رفض جناح شخصية أخرى مقابل تمسك جناح آخر بها. ومرد الصراع، هو أن نائب الرئيس في ظل الوضع الصحي للرئيس سيكون بمثابة الرئيس، لذلك وحفاظا على عدم التصادم بين أجنحة النظام تم التخلي عن فكرة تعديل الدستور وخلق منصب نائب الرئيس.

والأكثر من ذلك، أن فكرة تعديل الدستور تعني بالضرورة تمديد فترة الرئيس، والسؤال المطروح لماذا يدخل الرئيس في هذه المعركة ما دام بمقدوره الترشح لعهدة خامسة بسهولة؟

هذه العوامل كلها هي التي عجلت بالتراجع عن فكرة تأجيل الانتخابات وتمديد الفترة الحالية للرئيس، وعودة فكرة العهدة الخامسة بقوة.

لكن بعض التحليلات تشير إلى أن الذهاب لعهدة خامسة للرئيس بوتفليقة لا تعني بالضرورة أنه سيكمل فترة خمس سنوات، بل أن الرئيس بوتفليقة بعد  فوزه في الانتخابات سيعقد ندوة وطنية يشارك فيها الجميع (أحزاب، منظمات، جمعيات، نقابات، شخصيات، إعلاميين، أكاديميين، وغيرهم) وتهدف الندوة تحضير برنامج تنموي طويل المدى، حينها يعلن عن انتخابات رئاسية مسبقة، بمعنى آخر أن الرئيس بوتفليقة يريد أن يخرج من الباب الواسع.

 

الجيش لن يتدخل في السياسية

وفي ذات السياق، كانت بعض الأطراف السياسية والعسكرية قد دعت الجيش الجزائري إلى “تحمل مسؤوليته” بخصوص الانتخابات الرئاسية، منها حركة مجتمع السلم التي دعت في مبادرتها إلى أن يكون الجيش هو الضامن، وأحد الجنرالات المتقاعدين اللواء علي غديري الذي كشف عن رغبته للترشح للانتخابات الرئاسية. وفهمت هذه الدعوة على أنها رغبة في تدخل الجيش لمنع بوتفليقة من الترشح لعهدة خامسة أو منعه من تديل الدستور بهدف تمديد الرئاسيات.

غير أن وزارة الدفاع ردت عليهم بقوة، واتهمت في بيان لها أطرافًا عسكرية وسياسية بمحاولات ضرب مؤسسة الجيش، وإقحامها في السياسة، وكان ذلك البيان بمثابة رد فعل غير مسبوق على تلك الدعوات.

وقالت الوزارة في بيانها إنه، “مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، يحاول بعض الأشخاص، ممن تحركهم الطموحات المفرطة والنوايا السيئة، إصدار أحكام مسبقة إزاء مواقف المؤسسة العسكرية من الانتخابات الرئاسية، ويمنحون أنفسهم حتى الحق في التحدث باِسمها، باستغلال كافة السبل، لاسيما وسائل الإعلام”. ووصفتهم بـ “الأشخاص الناقمين وضيقي الأفق، الذين لن يتوانوا عن استعمال وسائل غير نزيهة، يحاولون، عبثًا، التأثير في الرأي العام وادعاء مصداقية تعوزهم”.

وأبرزت الوزارة “أن هؤلاء ولكونهم لم يحققوا أي صدى، عقب مداخلاتهم الكتابية المتكررة عبر وسائل الإعلام، فإنهم إذ يحاولون، دون جدوى، تقمص دور خبراء متعددي الاختصاصات، فإنه قد تم توجيههم لمخاطبة القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، كخيار أخير”.

 

الفريق قايد صالح لم يتدخل في السياسة بل انتصر للعمل السياسي

وحسب بعض المحللين، فإن بيان وزارة الدفاع شكّل تحذيرًا مما يتم تداوله مؤخرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصالونات، وتحديدا ما يوصف بجناح الفريق  محمد مدين، قائد المخابرات السابق، والذي قالت التحليلات أن “اللواء علي غديري” الذي كشف عن نيته في الترشح ودعا الفريق قايد صالح لتحمل مسؤوليته يعد طرفا فيه.

وفهم كثير من المحللين أن بيان وزارة الدفاع هو انتصار للرئيس بوتفليقة وتأييد لكل ما سيتخذه من قرارات. وهكذا باتت العهدة الخامسة لبوتفليقة شبه محسومة.

وعلى هذا الأساس رحبت أحزاب الموالاة ببيان وزارة الدفاع، بينما نددت به بعض الأحزاب مثل حزب العمال والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، واعتبروه تدخلا في السياسة، رغم أنه يبدو بمثابة رد على دعاة تدخل الجيش في السياسة مثلما حدث مطلع التسعينيات. وبعبارة أخرى، لقد انتصر الجيش للسياسة ولم يتدخل في السياسة.

 

حديث عن قرب إنهاء مهام الوزير الأول أحمد أويحيى

وبالتزامن مع الحديث عن العهدة الخامسة للرئيس، عاد الحديث عن إنهاء مهام الوزير الأول أحمد أويحيى، وتعيين وزير أول جديد بهدف الإشراف على تنظيم الانتخابات، وفي الوقت نفسه تكون فرصة للتغلب على الجناح الذي رغب في تعيين أويحيى نائبا للرئيس، أو ترشيحه خلفا للرئيس بوتفليقة.

وهناك عدة مؤشرات تبين قرب الطلاق بين بوتفليقة وأحمد أويحيى، أهمها الخسارة المدوية لحزب أحمد أويحيى (التجمع الوطني الديمقراطي) في انتخابات مجلس الأمة، وحصوله سوى بـ 10 مقاعد، مقابل 31 مقعدا كاملا لجبهة التحرير الوطني من أصل 48 مقعد، وهذا للمرة الأولى التي يخسر فسها أويحيى مجلس الأمة منذ 20 عاما.

أما المؤشر الثاني، فيكمن في كون أحمد أويحيى، تصنفه تحليلات إعلامية، في خندق الجناح الذي ندد به بيان وزارة الدفاع أي جناح الجنرال المتقاعد محمد مدين المدعو “توفيق.”

كذلك، يبدو أن بقاء أحمد أويحيى ضمن فريق الرئيس بوتفليقة اضر كثيرا ببوتفليقة شخصيا، فهما مختلفان سياسيا وإيديولوجيا، فضلا عن وجود تحليلات تشير إلى أن أحمد أويحيى هو مرشح فرنسا في الجزائر، وتستند إلى تصريحات أويحيى بخصوص وصف شهداء ثورة نوفمبر بالقتلى ودعوته المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين إلى التعاون مع الحركى والأقدام السوداء.

وفي الوقت الذي شعر فيه المواطنون ببعض الراحة والاطمئنان بعد إبعاد جمال ولد عباس من قيادة جبهة التحرير الوطني، لإساءته الكثيرة للرئيس بوتفليقة، فإن الطمأنينة لا تكتمل، والثقة في الرئيس لن تتم إلا بإبعاد أويحيى أيضا، خاصة أن الرأي العام لا يرتاح لأويحيى إطلاقا.

وهناك مؤشر آخر، على قرب إنهاء مهام أويحيى، ويتمثل في ما كتبته جريدة لوسوار دالجيري في عددها الصادر يوم الاثنين 7 جانفي الجاري، والتي تقول فيه أن معلومات مؤكدة تتحدث عن قرب تعديل وزاري طفيف لكن مع بقاء أويحيى على رأس الحكومة لأن لديه مواعيد هامة وملفات يجب أن يكمل معالجتها. وهذا معناه أن هناك معلومات تشير إلى قرب إنهاء مهامه وأوكلت المهمة لبعض وسائل الإعلام للدفاع عن بقائه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى