بين الفكر والسياسة

ثورة المواطنة والشرعية القانونية

إن الثورات بصفتها حركات متطرفة تلجأ إليها الشعوب عندما لا يحترم الحكام تطلعاتها أو عندما تنتهك كرامتها، فإنه يمكن لها أن تحيد عن الإطار القانوني الذي يحكم البلدان التي تندلع فيها.

المسيرات و المظاهرات الشعبية التي خرج فيها الجزائريين بمئات الآلاف يوم 22 فيفري والملايين في 1 مارس، قد توبعت من قبل العالم بأسره عبر وسائل الإعلام، ولقد سرّ العالم أجمع باكتشاف فضائل الشعب الجزائري المنظم و المنضبط، الذي ينادي بصوت واحد شعارات سلمية و ديمقراطية. أنه الوجه المشرق لجزائر الغد و لأجيالها الجديدة.

هذه المسيرات أنهت مسيرة الرئيس بوتفليقة الذي استنفذ صبر الجزائريين بمحاولته البقاء على رأس البلاد مدى الحياة رغم سنه المتقدمة وعلى وجه الخصوص صحته العاجزة. فقابله الشعب بهذه النهاية المهينة لكن دون المساس بما تبقى من عهدته الراهنة.

هذه هي إرادة الشعب السيد كما أظهرها بوضوح و بصفة مذهلة دون المساس بالقانون، حيث أن ثورته المواطنة هذه قد تركت الباب مفتوحا أمام خيارين قانونيين:

1) يعترف الرئيس بإرادة الشعب و يحترمها من خلال تخليه عن العهدة الخامسة، مع استمرار بقائه في منصبه حتى نهاية العهدة الحالية في 18 أفريل القادم. و يعلن أن الانتخابات الرئاسية ستجري في موعدها بين المرشحين الذين قبلت ملفاتهم من قبل المجلس الدستوري، وبهذا تكون الأزمة لم تخرج عن الإطار القانوني.

2) ينصاع الرئيس للإرادة الشعبية و يقرر الاستقالة من منصبه من أجل تفادي البتّ في الأزمة من خلال حل متسرع. وهو ما يعني دخول القواعد الدستورية حيز التطبيق: انتخابات 18 أبريل القادم تصبح ملغاة، رئيس مجلس الأمة يتولى الرئاسة المؤقتة، انتخابات رئاسية جديدة تستدعى من قبل هذا الأخير في المواعيد المحددة دستوريا. و هكذا تكون الأزمة قصيرة المدة و خالية من الأضرار.

لكن ما العمل إذا رفضت السلطة الخضوع للإرادة الشعبية بالإبقاء على ترشح بوتفليقة؟

في هذه الحالة يجب على المرشحين الحاليين عدم تقديم ملفاتهم أو سحبها إن كانوا قدموها سابقا، و ذلك لسحب الغطاء الديمقراطي من ترشحه الذي يصبح تعسفيا. كما يصبح من حق المواطنين تنظيم عزل كامل للسلطة عبر إجراءات مثل:

– التظاهر كل أسبوع حتى إلغاء انتخابات 18 ابريل

– الدعوة الى مقاطعة تامة و شاملة لهذه الانتخابات من بدايتها إلى نهايتها

– الدعوة إلى رفض الخدمة في مكاتب الاقتراع

– فرض إضراب وطني شامل يومي 17 و 18 ابريل

– التصريح بعدم شرعية ما يعدّ تنصيبا ذاتيا لبوتفليقة

– دعوة منتخبي البرلمان و المجالس المحلية للتخلي عن عهداتهم

– إنشاء تنسيقية وطنية تمثل الحراك الشعبي تُمثّل فيها كافة ولايات الوطن و جميع المناطق التي توجد فيها جالية جزائرية، و ذلك للحفاظ على رفض الانقلاب الانتخابي حتى سقوط السلطة فاقدة الشرعية التي تنجم عنه.

– الشروع في إرساء أسس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية التي ينص عليها بيان أول نوفمبر عبر تشكيل مجلس تأسيسي، إنشاء حكومة مؤقتة، وضع دستور جديد و تنظيم انتخابات جديدة…

لم يبق سوى 48 ساعة لاتخاذ القرار الصائب أو الخاطئ .

 

بقلم نورالدين بوكروح

ترجمة بوكروح وليد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى