الجزائرالرئيسيةسلايدر

حب الزعامة والنرجسية أجبر بوتفليقة على الخروج من ثقب الباب

أخطر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة رسميا رئيس المجلس الدستوري بقراره إنهاء عهدته بصفته رئيسا للجمهورية حسبما علم اليوم الثلاثاء لدى رئاسة الجمهورية.

بهذه الكلمات الخافتة، أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، للعالم نهاية عقدين من حكمه للجزائر وهو الذي قال ذات يوم “أنا الجزائر”.

خرج الرئيس الذي كان يحلم بدخول التاريخ، من حكم تحول مع السنين إلى أبشع صورة للاستبداد والإقصاء والتهميش وإلغاء الآخر، على رؤوس أصابع قديمه، من دون أن يكون له حتى شرف مخاطبة شعبه أو توديعه.

غادر بوتفليقة الحكم تاركا البلاد في أزمة مركبة متعددة الأبعاد، سياسية واقتصادية، تركها غير قادرة حتى على تنظيم الانتخابات، بل وهي على مرمى حجر من الإفلاس الذي أوصلها إليه بالفساد والنهب والمحسوبية والزبائنية، وسيكتب التاريخ أن 2 ابريل 2019 هو يوم مشهود في التاريخ منذ استقلال البلاد العام 1962، بعدما تمكن الشعب الجزائري من استرجاع سيادته بدون أن تسيل قطرة دم في ثورة مواطنة رائدة سلمية حيرت العالم.

لقد قرأ العالم الفاتحة على روح الشعب الجزائري، منذ فترة، لقد قيل في العديد من المناسبات أن الشعب الجزائري مات والسلام، فقد روحه الثورية بعد أن كان قبلة للثوار، بل وهناك من ذهب إلى اتهامه بأنه شعب من الهمج إذا ثار كسر كل شيء، لكنه أعطى دروسا لحكام فاسدين مفسدين، وللعالم بسلميته وحضاريته.

إن ما حققته الثورة المواطنة للشعب الجزائري في 6 جمعات منذ 22 فبراير 2019 بطريقة سلمية وصدور عارية وبدون أدنى مظهر من مظاهر العنف، لم تحققه دبلوماسية النظام الفاسد منذ 57 عاما.

إن الصور التي رسمها الشعب، أعادت تشكيل الصور النمطية والكليشيهات السابقة عن الجزائر والشعب الجزائري، ليس فقط في أنظار وأذهان العالم، بل في عيون وأذهان من سيفكرون في حكمه مستقبلا.

سيكون من الصعب جدا مستقبلا، أن يفكر أي حاكم مستبد نرجسي محب لذاته، أن يلغي الشعب، وسيصعب على أية طغمة فاسدة أن تستفرد بالحكم أو تريد الهروب بأختام الرئاسة مرة ثانية.

سيذكر التاريخ أن القيادة العليا للجيش وقائد أركانه، وصف من يحكمون بإسم الرئيس بالعصابة، وهي الصفة التي قد ترمي بمن كانوا يستغلون ختم الرئاسة لكتابة الرسائل للشعب وإصدار القرارات ولسنوات طويلة إلى غياهب السجون، وقبل ذلك إلى مزبلة التاريخ.

كتب التاريخ منذ الأزل أن إرادة الله من إرادة الشعوب “لا يغيـر الله ما بقـوم حتى يغيـروا ما بأنفسـهم ” ، فتحية لعظمة الشعب الجزائري الذي صمت كثيرا ورفع أكفه إلى السماء طويلا، علهم يستحون، ولما رأى أن الحياء غادر الوجوه قام ليستعيد شرفه بنفسه ويقرر نهاية مرحلة من الفساد قل نظيرها في التاريخ.

لن يكون مسار التحول نحو الديمقراطية ودولة الحق والقانون والحكم الراشد مفروشا بالورود والياسمين، بل سيكون مفروشا بالمتاعب والصعاب، لكن فطنة الشعب وعدم تسرعه للنزول من الجبل لاقتسام والتقاط الغنائم، سيفسد مخطط الذين يريدون الالتفاف على مكاسب الثورة المواطنة، وسيبطل سحر، الثعابين الرقطاء التي تحسن تغيير جلودها كلما أحست بالخطر، والوقوف كرجل واحد لقطع الطريق أمام نماذج البؤس والفشل التي أوصلت البلاد إلى حالة التردي التي تعيشها اليوم.

أخيرا على الشعب أن يستمر في ثورته المواطنة المباركة، وعليه أن يقرأ رسائل جيشه التاريخية المساندة لثورته قراءة إيجابية، ويرد على التحية بمثلها أو بأحسن منها، بدعم ومساندة جيشه، الذي قرر أن يكون إلى جانب شعبه، لأن ما جاء يوم الثلاثاء 2 ابريل على لسان الفريق قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، أحمد قايد صالح، سيدخل التاريخ:” وعليه فقرارنا واضح ولا رجعة فيه، إذ أننا نقف مع الشعب حتى تتحقق مطالبه كاملة غير منقوصة، وبصفتي ابن الشعب وبناء على المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقي، فلا يمكنني إلا أن أنحاز إلى هذا الشعب الذي صبر طويلا وكابد المحن وحان الوقت أن يسترجع حقوقه الدستورية المشروعة وسيادته الكاملة”.

وختم الفريق قايد صالح: “في الأخير، نؤكد مرة أخرى، أن مسعانا لإيجاد حل لهذه الأزمة ينبع حصرا من ولائنا للوطن وللوطن فحسب، لأننا على يقين تام بقدرة الشعب الجزائري، لما له من مقومات تاريخية وحضارية وطاقات بشرية متشبعة بحب الوطن، على تجاوز الأزمات، مهما كانت حدتها، ولأننا كذلك نؤمن يقينا أن الأشخاص مهما طال الأمد فمصيرها إلى الزوال، أما الوطن فهو باق إلى الأبد”.

عبد الوهاب بوكروح 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى