اقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدر

خبير مالي:”الاستدانة الخارجية مستحيلة للشركات الجزائرية”

“لا توجد شركة باستثناء سوناطراك قادرة على الاستدانة بدون ضمان من الدولة”

 عبد الوهاب بوكروح

حذر نور الدين لغليل، الخبير والمحلل المالي في البورصة السويدية، من العواقب المدمرة لاندفاع بعض الأطراف في الجزائر لجر الحكومة للعودة إلى الاستدانة الخارجية على “ظهر الدولة”.

وقال لغليل في تصريحات لـ”الجزائر اليوم”، إن الذين يروجون لحصول الشركات العمومية أو الخاصة على قروض من الخارج، لا يريدون قول الحقيقة كاملة للشعب، وهي أنه لا توجد شركة واحدة في الجزائر، باستثناء سوناطراك قادرة على ضمان القروض التي تحصل عليها بتقديم توقيعها الشخصي كضمان للمؤسسات المالية الدولية المقرضة.

وتحاول جهات نافدة وجماعات ضغط، التأثير على الحكومة من أجل السماح مجددا باللجوء للاستدانة الخارجية بداية من العام 2017. وتسوق هذه الجهات جملة من المبررات والحجج الواهية من الناحية الاقتصادية.

وأكد الخبير المالي، أن كل المؤسسات الأخرى بدون استثناء بما فيها التي كانت تحصل على مشاريع الدولة لمدة 15 عاما الفارطة، ستورط الدولة الجزائرية مجدد في فخ المديونية الخارجية من خلال استعمال ضمانات الدولة الجزائرية وليس ضماناتها هي، للحصول على القروض من بنوك ومؤسسات مالية دولية.

وأضاف لغليل، لا توجد شركة واحدة في الجزائر – باستثناء سوناطراك- تتوفر على صحة مالية أو أصول قابلة لتغطية الضمانات التي تطلبها المؤسسات والبنوك المقرضة، مما يجعل هذه المؤسسات تقوم مباشرة بتوريط الجزائر مجددا في فخ الاستدانة الخارجية الذي خرجت منه بطريقة عجيبة في عام 2007 بفضل ارتفاع أسعار النفط.

وتساءل المتحدث، هؤلاء الذين يدافعون عن الذهاب للأسواق المالية الدولية للحصول على القروض للشركات، هل يعرفون فعلا كيف تتم العملية؟ مضيفا إن اللجوء للاستدانة الخارجية بالنسبة للجزائر في الظرفية الاقتصادية الراهنة سيكون مكلف سوءاً، لأن طلب تنقيط من هيئات التصنيف العالمية المعروفة سيكون تنقيط سلبي للغاية.

وأضاف لغليل قائلا:”بصراحة لا أعتقد أنه توجد شركة جزائرية باستثناء سوناطرك قادرة على الحصول على قروض من السوق الدولية بدون ضمانات من الدولة. لا سونلغاز ولا غيرها”.

 

تصنيف سلبي للجزائر

يعتقد المحلل المالي في البورصة السويدية، أن الاستدانة الخارجية للدولة الجزائرية وليس للمؤسسات العمومية أو الخاصة، ممكنة ولكنها ستكون بتكلفة مرتفعة للغاية وأمام الخيار الأكثر سوءا.

وأوضح الخبير المالي، أن التوجه للاستدانة الخارجية يتطلب تصنيف الجزائر من قبل وكالات التصنيف العالمية الثلاث المعروفة، وهي ستاندرز أند بورز، فيتش رايتنغ، وموديز، على أساس مسح معمق وشامل للحالة المالية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، للبلد الذي يطلب التصنيف، ثم إصدار التصنيف. وفي حالة الجزائر، يضيف لغليل، أعتقد أن الظرف الحالي غير مناسب تماما لطلب تصنيف من هذه الهيئات المذكورة.

 

الجزائر أم الخيار الأكثر سوءاً

وقال لغليل، إن الجزائر فوتت فرصة الحصول على تصنيف جيد في السنوات السابقة لما كانت في وضع مالي أفضل، مما يضعها الآن أمام الخيارات الأكثر سوءا، سواء توجهت للحصول على قروض من البنوك الخاصة في السوق المالية الدولية وبتكلفة عالية لمبالغ بسيطة جدا، أو بالعودة إلى أحضان صندوق النقد الدولي وبالشروط التي تعرفها الجزائر جيدا.

ولا يوافق المتحدث الآراء التي تحاول الضغط على الحكومة للسماح للشركات بالاستدانة من الخارج، مشيرا إلى أن الذهاب إلى الاستدانة الخارجية مع وجود تصنيف سلبي ستكون له عواقب مدمرة بسبب نسب الفائدة العالية جدا والتي لا يمكن تغطيتها بالنظر إلى حالة الاقتصاد الجزائري ونسب النمو المسجلة.

وأضاف لغليل إن السؤال الذي يطرح ليس هل ستتوجه الجزائر للاستدانة الخارجية أم لا، ولكن بأي معدلات فائدة، بالنظر إلى الحالة السيئة للاقتصاد الجزائري الذي يعاني من اعتماد مطلق على المحروقات، فضلا عن عدم وجود سوق مالية. مؤكدا أن الجزائر ستدفع مرة أخرى ثمن الفشل في القيام بإصلاحات اقتصادية جدية خلال السنوات الماضية.

وخلص المتحدث إلى التأكيد على أن التوجه نحو بنوك الأعمال الدولية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة للجزائر وبالمؤشرات الحالية، فإنه لا يوجد بنك يقبل بإقراض الجزائر أكثر من 500 مليون دولار، وبالتالي يبقى الخيار الأكثر سوءاً وهو اللجوء للاستدانة من صندوق النقد الدولي وفي هذه الحالة الشروط ستكون مشابهة للوصفة التي طبقت في سنوات التسعينات وربما أكثر حدة لأننا لم نتعلم الدرس.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى