اقتصاد وأعمالالرئيسية

دراسة: الجزائر تعاني هشاشة حقيقية في مجال الأمن الغذائي

نسرين لعراش

كشفت دراسة حول “الأمن الغذائي” أعدها منتدى رؤساء المؤسسات، عرضت الثلاثاء 19 جويلية بالعاصمة الجزائر بحضور عدد كبير من الفاعلين في القطاع الزراعي والصناعات الغذائية وممثلين عن قطاعات وزارية فاعلة، أن الجزائر تعاني من هشاشة حقيقية في مجال الأمن الغذائي.

وأضافت الدراسة، أن واردات الغذاء المكثفة للجزائر ترهن أمنها وصناعتها الغذائيتين، مؤكدة أن الإختلالات الهيكلية بين العرض والطلب، وأن الجزائر هي الدولة الأضعف في مجال تغطية الواردات بالنسبة للصادرات الغذائية في منطقة شمال إفريقيا ما يجعلها في تبعية مطلقة للنفط في ضمان غذائها.

 

النمو الديمغرافي يشكل اكبر تهديد للأمن الغذائي

أشارت دراسة منتدى رؤساء المؤسسات إلى الاختلال القوي المسجل بين الطلب والعرض في مجال المنتجات الزراعية نتيجة النمو الديموغرافي الذي سجلته البلاد في فترة قصيرة وحركة التعمير الكبيرة وتحسن الأجور والتوجه نحو المدن منذ الاستقلال.

وأوضح التقرير أن سكان الجزائر الذين تضاعف عددهم بأربع مرات خلال نصف قرن فقط قد توجهوا بشكل كبير إلى المدن، حيث أدى النمو الديموغرافي الكبير وتحسن مستوى الدخل للأسر، ارتفاعا كبيرا في الطلب على المنتجات الغذائية.

وزاد عدد سكان الجزائر بين 2000 و2010 بنسبة 20% فيما انتقلت نسبة التعمير من 58.3% إلى 66.3% خلال نفس الفترة، فيما تسببت التغييرات الاجتماعية التي عرفها المجتمع الجزائري إلى تغيير جذري في النمط الاستهلاكي حيث تضاعفت النفقات الغذائية بـ270% بين 2000و 2011.

 

عجز صاف في مجال الحبوب

وكشفت الدراسة أن الصناعات الغذائية في الجزائر تساهم بنسبة 50 الى 55 % في الناتج الداخلي الخام الصناعي خارج قطاع المحروقات، مشددة على أن ميزانية الدولة خصصت بين 2010 و2014 ما يعادل 1.7 مليار دولار لدعم الاستثمارات المبرمجة في إطار السياسة الفلاحية خارج صندوق دعم تعويض المواد الزراعية ذات الاستهلاك الواسع(دعم وضمان أسعار الحبوب والحليب والطماطم الصناعية والمنتجات الفلاحية).

وأشارت الدراسة إلى أن الدعم الموجه للقطاع الزراعي مكن من رفع متوسط الإنتاج السنوي للحبوب من 3 ملايين طن في الفترة 2005-2008 إلى قرابة 5 ملايين طن في الفترة من 2009-2015 في حين انتقل إنتاج الحليب من مليار لتر إلى قرابة 4 ملايير لتر خلال فترتي المقارنة.

وزاد إنتاج البطاطا من 2 مليون طن سنويا إلى 4 ملايين طن سنويا واللحوم الحمراء من 300.000 إلى 400.000 طن سنويا خلال الفترة المرجعية.

وتعتبر شعبة الصناعات الغذائية بحسب الدراسة، أول مشغل في القطاع الصناع بما يعادل 40% من مناصب الشغل وحوالي 150 ألف منصب شغل، ويخلق القطاع في المتوسط 40 -45 % من القيمة المضافة الصناعية بحوالي 3 مليار دولار سنويا، وتعد الحبوب والحليب والمياه والمشروبات غير الكحولية من الفروع الهامة في القطاع.

ولم يرتفع إنتاج الحبوب بشكل معتبر على الرغم من توسع المساحات المسقية بين 2001 و2011 من 512.740 هكتار إلى 987.005 هكتار.

 

اعتماد مطلق على الخارج

كشفت الدراسة عن اختلالات جوهرية ناجمة عن الزيادة الملحوظة في معدلات الاستهلاك الغذائي في مقابل محدودية العرض الوطني، وخاصة في الشعب الإستراتجية التي تعتمد بشكل شبه مطلق على الاستيراد سواء في مجال البذور أو المحاصيل، ما يفسر الارتفاع القياسي في الفاتورة الغذائية بين 2000 و2014 حيث بلغت 9.3 مليار دولار.

وخصصت الجزائر منحة غذائية تقدر بـ 308 دولارا للفرد في عام 2015 مع العلم أن معامل هذه المنحة في المصاريف الغذائية السنوية للفرد تضاعفت بـ 350 % ما بين 2000 و 2011، مما حول الجزاٍئر منذ 2005 إلى واحدة من أكبر 6 مستوردين عالميين للقمح الذين تفوق وارداتهم الخمسة ملايين طن سنويا.

وتحتل الجزائر المرتبة الثالثة عالميا من حيث استيراد القمح اللين والأولي عالميا فيما يخص القمح الصلب بما يعادل 50% من المبادلات العالمية، وثاني مستورد عالمي لغبرة الحليب بعد الصين، والأولى عالميا في حال الأخذ بالاعتبار لعدد السكان.

 

اقل تغطية في شمال إفريقيا

تعتبر الجزائر الدولة الأكثر ضعفا في مجال تغطية الواردات بالنسبة للصادرات الغذائية في منطقة شمال إفريقيا، حيث استقرت هذه النسبة عند 5% في الفترة من 1992 و2014، حيث بلغت واردات الجزائر حوالي 10 مليار دولار في مقابل صادرات لم تتجاوز 500000 دولار، بحسب الدراسة التي أكدت على أن الاستمرار في اللجوء إلى السوق العالمية لتلبية الحاجيات الغذائية للجزائريين، يرهن الأمن الغذائي الوطني ويرهن تطوير الصناعة الغذائية الجزائرية التي بقيت رهينة التبعية للمواد الأولية التي تأتي من الخارج، مما يجعل الأمن الغذائي في المحصلة رهينة للريع البترولي الذي من دونه فلن تختلف الجزائر عن الصومال الشقيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى