بين الفكر والسياسة

رسالة بوتفليقة: حيلة شيطانية جديدة

" الذين يجعلون من الثورة السلمية مستحيلة، يجعلون من الثورة العنيفة حتمية " جون كيندي.

في وقت كان هو يرقد بين الحياة و الموت في مصلحة إنعاش لمستشفى سويسري، كان ملف ترشح بوتفليقة يودع في مجلس دستوري أدى رئيسه قبل أيام قليلة يمين الولاء لذات المرشح، الذي كان قد عينه في منصبه هذا.

أطباء المستشفى السويسري يعرفون الحقيقة الصحية و العقلية لبوتفليقة لكنهم، و بحكم التزامهم بواجب السر الطبي، فإنهم لن يجيبوا على التساؤلات التي يطرحها العالم عن مرشح الآخرة هذا. لكن المؤكد أنهم لم و لن يصدروا له الشهادة الطبية اللازمة لملف ترشحه. فمن الذي أصدرها إذن؟

في بادئ الأمر كان جميعنا يظن بأن هذا هو الرّد غير المعقول غير المسئول و المستفز، الذي أجابت به السلطة الليلة على خروج ملايين الجزائريين إلى الشارع للتعبير عن رفضهم للعهدة الخامسة : “ستكون العهدة الخامسة، شاء من شاء و كره من كره، و من كره فالبحر أمامه”. دون أن تحتاج لإضافة أن “القزول ورائه” فهذا معلوم و هو جزأ لا يتجزأ من الجواب.

في ليلة 3 مارس 2019 المشهودة هذه شاهدنا لقطتين لاستبدال الأشخاص: الأولىلرشيد نكاز، مرشح مزيف خرج من حيث لا ندري ليعوض رشيد نكاز، مرشح كان هنا ثم تبخر في الهواء ؛ و الثانية لشخص غير مترشح، السيد زعلان،ليعوض مرشحا غير قانوني، بوتفليقة. إذا كانت اللقطة الأولى قد خلفت ضحكات عالية، فإن الثانية خلفت وجوها عابسة كونها كشفت عن صفة جديدة لبطلها وهي التوبة، أي الاعتراف بالخطايا المتبوع بوعد بالتوبة والتكفير عنها.

هل يمكن تدارك الخطايا التي ارتكبت طيلة عشرين سنةفي بضعة أشهر؟ أم أن هذه مجرد حيلة شيطانية أخرى لحماية ظهره و تأمين عشيرته، والتحايل على التاريخ باكتساء ثوب أب الأمّة الخيّر الصالح؟

هذه الرسالة التي نجهل من كتبها بما أنه كان بين أيدي الطب السويسري (و إلا لكان قد عاد)، تريد أن تحشرنا فياختيار ضيق بينه هو أو بعض المرشحين المرتجلين الذين تبنّوا الحجة الأساسية للسلطة، و هي أن الجزائر تعيش في “ديمقراطية” وأن الشعب له الحق في قبول أو معارضة العهدة الخامسة في صندوق الاقتراع. هؤلاء كانوا يأملون في الفوز بالانتخابات…على البساط.

إن الجزائريين الذين تجندوا ضد العهدة الخامسة لن يرجعوا إلى بيوتهم طالبين العذر من “الديمقراطية” على ازدرائهم لها، أو للتائب بوتفليقة الذي كادوا أن يحرموه من “حقه الإنساني”. بل سيرفضون حكاياته و رسالته بعزيمة مضاعفة لتدعيم ما اكتسبوه في الأيام القليلة الماضية. فهم يعلمون الآن أن القمع لم يعد خيارا متاحا للسلطة التي صارت تطلب مهلة لترتيب خروجها و المحافظة على أفرادها و مصالحها.

ها هو بوتفليقة اقترح والشعب سيقرر.ردود الفعل الأولى تشير إلى أن اقتراحه مرفوض وهو ما يعني أن عليه أن يجد بسرعة حلا آخر غير الفخ الذي حاول نصبه لنا للخروج من الأزمة. وقد قمنا باقتراح واحد في مقال سابق: أن يستقيل، فيشرف رئيس مجلس الأمة على الانتقالية، وتؤجل الانتخابات الرئاسية ويعاد تنظيمها حسب ما ينص عليه الدستور في هذه الحالة.

 

بقلم نورالدين بوكروح

ترجمة بوكروح وليد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى