اتصالتكنولوجياجازيملحق TIC

رفع القيود الضبطية، محرك لتطوير خدمات الاتصالات

بقلم فريد فارح

لقد سمح الابتكار والتجديد التكنولوجي في قطاع الاتصالات بتطوير نماذج اقتصادية وقانونية ما سمح للشركات الخاصة من اقتحام هذا القطاع، وهو نموذج لا يسمح غلق الحلقة المحلية وسيطرة المتعامل التاريخي باعتماده في الجزائر.

واليوم عبر العالم، يبدو أن صناعة الاتصالات قد ذوت صفحة “الجمود” الاقتصادي وتحولت غلى سوق يشهد نموا قويا بمفعول جد مؤثر على الاقتصاد العالمي.

وحسب المختصين في القطاع، فإن هذا النجاح سببه التقارب ما بين مجمل تكنولوجيات الانترنت النقال والثابت، نحو جهاز موحد للاتصالات السلكية واللاسلكية وخصوصا النمو السريع للبيئة المحيطة بالعالم الرقمي.

وهذا التقدم التكنولوجي سرع من ظهور عملية الإصلاحات المتعلقة بقوانين الضبط في عدة بلدان، ويحاول المتعاملون حاليا جعل الزبائن يستفيدون ممن مزايا التطور السريع لتكنولوجيات الاتصالات، من خلال إرغام على سبيل المثال المتعاملين على اعتماد نماذج للتسعيرة تعتمد على التكلفة الفعلية للمحولات والمرسلات من أجل بلوغ هدف نهائي وهو خفض ثمن الدقيقة الصوتية وثمن الأوكتي الواحد للبيانات بالنسبة للمستهلك النهائي.

للتذكير فشركات الاتصال كانت تشغل وتضبط من طرف الحكومات كمحتكر طبيعي في عدة بلدان، وهذه السياسة كانت مبررة من منطلق انه من المستحيل استعادة تكاليف الاستثمار التي تم ضخها في القطاع، لكن التجديد والابتكار التكنولوجي الذي استجد في صناعي الاتصالات السلكية واللاسلكية، سمح بتطوير نماذج اقتصادية وقانونية ما سمح للشركات الخاصة بدخول هذا القطاع.

في غضون ذلك فإن عديد البلدان تواصل تفرض لوائح وتنظيمات على المتعاملين الخواص لا يكون الابتكار فيه مقاسا ومدروسا، والجزائر تعتبر جزء من هذا، وغلق الحليقة المحلية وسيطرة متعامل هي أمثلة من بين العديد منها.

ويمكن أن نلاحظ وجود 3 سياسات للضبط فيما يخص صناعة الاتصالات، وهناك مقاربة الضبط التمييزي، الذي يقوم على أساس تطبيق قواعد قانونية تمنح المزيد من الحرية للمتعاملين، وهو الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.

وتخضع شركات الاتصالات في القارة الأسيوية بالمقابل لنوع من الضبط يقوم على أساس السياسة الصناعية الشاملة للبلاد، وهو الحال مثلا في كوريا الجنوبية واليابان والصين، بينما تفضل البلدان الأوربية سياسة ضبط وسطية ما بين تلك المطبقة في الولايات المتحدة وآسيا.

وفي هذا السياق دعت العديد من منشورات أعمال بحثية حول الإطار القانوني لصناعة الاتصالات لاتفاق ما بين النماذج الاقتصادية التقليدية والتغييرات التكنولوجية الحاصلة.

 

مستقبل الاتصالات يعتمد على الإطار التنظيمي

وبالفعل فالمستقبل الاقتصادي لشركات الاتصالات يعتمد على الإطار التنظيمي الذي تم اختياره وتبنيه، وغالبية الباحثين اعتمدوا على تقنيات التحليل للنماذج الاقتصادية (SFA) و (DEA)، لدراسة مجموعة من المعطيات تمثل تراكمات مالية لأكثر من أكثر من 10 سنوات وهذا من اجل تقييم الإطار التنظيمي ودوره في فعالية صناعية الاتصالات في  المسار الاقتصادي للبلد.

ونتائج عمليات التحليل هذه التي مست بيانات أكثر من 58 مؤسسة للاتصالات النقالة والثابتة في العالم، أظهرت أن الولايات المتحدة الأمريكية قد سجلت قيمة مرتفعة لنسب MTR خلال العشر سنوات الماضية.

بالمقابل البلدان الأوروبية والآسيوية شهدت نسب MTR تراجعا لديها منذ 2005، وهذه النتائج تظهر أن قرابة الضبط لصناعة الاتصالات المطبقة في الولايات المتحدة هي الأكثر فعالية للنموذج الاقتصادي.

وتحسن نشاط شركات الاتصالات الأمريكية تحت وقع تحرير القيود الضبطية، من مردودية القطاع وعزز قدراتها على التكيف مع التغيرات التكنولوجية، ورفع القيود الضبطية هذا سمح بخوصصة الخدمات العمومية وتعزيز المنافسة وإدراج هيئات ضبط مستقلة.

وفي الحالة الجزائرية، وجب الاعتراف أن إطلاق سياسة الضبط للاتصالات السلكية واللاسلكية ليست مهمة سهلة، وإذا أخدنا بعين الاعتبار نتائج البحث التي قامت بها، فإن الحكومة ستتخذ قرارا في صالح  رفع القيود الضبطية للعديد من قطاعات الاتصالات السلكية واللاسلكية.

وفي غضون ذلك سيكون من الأفضل العمل ببطء والبدء بتخفيف الإطار التنظيمي للقطاع قبل التحول نحو مرحلة رفع القيود الضبطية بشكل تام للسمح للاقتصاد بالاستفادة من هذه الوضعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى