اقتصاد وأعمال

شكيب خليل: مراجعة سياسة الدعم الحالية أولوية حيوية للحكومة

نسرين لعراش

أكد وزير الطاقة الأسبق السيد شكيب خليل في حوار لموقع “ألجيري أكتي ، في إجابته عن سؤال يتعلّق برأيه حول المقاربة الاقتصادية للوزير الأول عبد المجيد تبون، بشأن إنعاش وتطوير الإستثمارات، في عديد القطاعات كالصناعة والفلاحة، بأن تنويع الاقتصاد الوطني بات أكثر من ضرورة اليوم، إلا أنه لا يمكنه إصدار تقييم موضوعي ودقيق حول تحرك الوزير الأول عبد المجيد تبون، لأنه لم يطلع على خطته في الموضوع.

وقال شكيب خليل، إن الطلب الشعبي على المواد الاستهلاكية والخدمات المدعمة من قبل الدولة سيزداد بكل تأكيد، بالنظر إلى النمو الديمغرافي، مما سيثقل ميزانية الدولة، ويقلص بالتالي من حصة الاستثمارات في ميزانية الدولة، المتعلقة بقطاعات عدة وبالأخص في الصحة والتعليم والهياكل القاعدية، لا سيما أن أسعار النفط لن تعود في المدى المتوسط إلى مستوياتها السابقة عند 100 دولار، مشيرا إلى أن المنافسة في سوق الغاز العالمية على أشدها، نتيجة لصادرات الغاز الصخري الأمريكية والاكتشافات جديدة للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط والساحل الشرقي لأفريقيا.

ورجح شكيب خليل، أن تضغط هذه الوضعية على أسعار الغاز الطبيعي، ما يؤثر سلبا على عائدات الجزائر، وبالتالي فإن ميزانية الدولة ستواصل تحمل تبعات الاقتصاد الأحادي التصدير، ما يتوجب الإسراع في تنويع الاقتصاد والعرض الموجه للتصدير، من أجل تعزيز ميزتن المدفوعات وإيجاد الوسائل المالية لمواصلة وتيرة الاستثمار على الأقل بنفس مستوى ناتجها المحلي الإجمالي، من أجل ضمان نمو مقبول لاقتصادها وتلبية الطلب المتزايد على توظيف الشباب من حملة الشهادات.

ولتعويض حلقة الاستدانة من أجل تمويل الاستثمار، وهو قرار سيادي أتخذته الجزائر، يرى شكيب خليل، أن البديل الذي يوجد في يد الحكومة هو الذهاب للبحث عن الشراكة لجذب الاستثمار، ولهذا فمن الضروري أن توفر بيئة جذابة للاستثمار.

وأكد  خليل أنه بالرغم من أن الصناعة والزراعة والصناعات الزراعية، تُعد مجالات واعدة  لخلق الثروة، إلا أنه لا يجوز إهمال السياحة والصيد وقطاع الخدمات، فكل هذه القطاعات تُواجه العديد من المشاكل في تنميتها.

وقال خليل، يتوجب وضع إستراتيجية واضحة بعيدة المدى، لكل قطاع من القطاعات المذكورة سالفا، يتم اعتمادها من قبل مكاتب دراسات متخصصة، وليس من الضروري أن تكون أجنبية، لاعتماد خيارات في هذه القطاعات، ترتكز على الحقائق الميدانية، والأهداف التي ترجو الجزائر تحقيقها، وهذا بعد اعتمادها من قبل الدولة، وبالتالي فإن كل قطاع سيكون مجبرا على تطبيق هذه الإستراتيجية، اللهم إلا إذا أُدخلت عليها تعديلات من طرف الدولة.

 

إيجاد حلول لقضية الدعم

وأضاف خليل، أنه من الضروري أيضا إيجاد حل لقضية دعم الدولة لأسعار بعض المواد الاستهلاكية والخدمات، إذ يتوجب توجيه هذا الدعم فقط للمحتاجين إليه والذين يعانون من تبعات التضخم، فهذا بإمكانه أن يُحرر مصادر مالية وتوجيهها إلى الاستثمارات المُنتجة  والخالقة للثروة، ويضيف خليل بأنه يعتقد أنه يجب علينا أيضا أن نعود إلى التخطيط التأشيري لقياس التقدم الذي أحرزناه في الاتجاه المطلوب لتنويع اقتصادنا، وإذا اقتضت الضرورة، نلجأ مرة أخرى إلى تصحيح خياراتنا بحسب المتطلّبات.

وتابع خليل قائلا، إن الخزان الكبير لتحسين أداء اقتصادنا، يتمثل في العمل على تحقيق فعالية الدولة بحدّ ذاتها في كل المجالات، لقياس حجم الاستثمارات وما خلقته فعلا من مناصب الشغل.

ويرى وزير الطاقة الأسبق، أن هنالك العديد من الإجراءات الإصلاحية لاقتصادنا، والتي أشرت إليها مرّات عديدة، في مداخلاتي، والمتعلقة أساسا بالتواصل مع المواطنين، وإصلاح البنوك، ودعم وزارة الشؤون الخارجية في مجال التجارة والإستثمار، وتحسين الخدمات بالموانئ والمطارات والنقل، والقضاء على السوق الموازية، وتحسين نوعية الإنتاج الوطني، وإنشاء المناطق الحرة، وتدريس اللغة الإنجليزية وتنمية الجنوب.

 

الدولة غير قادرة على ضمان نفس مستوى الدعم

أكد شكيب خليل أن الدعم من خلال الأسعار يشكل تهديدا ليس فقط على قدرة الدولة على الاستثمار، ولكن التهديد الأكثر خطورة هو على الإنتاج المحلي من منتجات وخدمات، سواء من حيث الكمية أو الجودة، في الوقت الذي نجد فيه الدولة غير قادرة على مواصلة تقديم نفس المستوى من دعم الأسعار، وضمان الاستثمارات.

وواستطرد خليل، أن الإعانات المالية الموجهة توفر دعما غير ظاهر للمواطنين محدودي الدخل، بغرض حمايتهم من ارتفاع الأسعار بسبب التضخم وغلاء المعيشة. ومن الضروري أن تعكس أسعار المنتجات الاستهلاكية والخدمات التكلفة الحقيقية لها، لتمكين الدولة ليس فقط من الإستثمار بنفسها، ولكن أيضا لجذب الاستثمارات اللازمة لإنتاج الخدمات الاستهلاكية والمنتجات. وهذا ينطبق على إمدادات المياه، والكهرباء، سواء كان مصدرها الشمس أو الغاز، وتوزيع الغاز والمنتجات النفطية والمنتجات الاستهلاكية، فهذه التدابير ستخفف العبء على الدولة، التي ستُركز إيراداتها في جهود الاستثمار في مجالات الصحة والتعليم والمرافق والهياكل الأساسية، ما سيساعد على خلق بيئة أعمال جذابة للاستثمار في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

 

يجب الانتباه لموضوع دعم الطاقة

شدد شكيب خليل، على ضرورة أن يكون للدولة للدولة إستراتيجية للتنمية في كل قطاع، والتي يمكن اعتمادها ومن ثمة مراجعتها من قبل الدولة متى دعت الحاجة إلى ذلك، أثناء تطبيقها استجابة للمتغيرات الداخلية والخارجية، فقد طوّرنا في الماضي إستراتيجية لإصلاح قطاع المحروقات في الجزائر، بغرض استخدام الطاقات الجديدة والمتجددة، ولكن أيضا لتحسين الكفاءة الطاقوية. فهذا البرنامج يمكن اليوم اعتماده وتحسينه على أساس التطورات والمتغيرات الداخلية والخارجية.

التحدي الأكبر في هذه الإستراتيجية بحسب شكيب خليل دائما، هو أن دعم أسعار الطاقة في الجزائر لا يسمح بتطوير الطاقة الجديدة والمتجددة بطريقة مستدامة، لأنها تُجبرنا على توفير هذه الطاقات بأسعار مدعومة من قبل الدولة، وهي أقل من كلفتها الحقيقية، وهذا يعني أنه إذا كنا نريد تطوير هذه الطاقات الجديدة، فستضطر الدولة إذاك إلى مواصلة الدعم، في الوقت الذي يتوجب فيه توجيه مواردها الشحيحة للاحتياجات الهائلة في قطاعات الصحة والتعليم والبنى التحتية والمرافق الأساسية. وإذا استمرت الدولة في دعم أسعار الطاقة، فإن الشراكة في هذا المجال لن تكون ممكنة إلا إذا وفّرت الدولة ضمانة لمقدمي هذه المشاريع.

وقال التحدث، هناك استراتيجية أخرى عملنا على تطويرها، تتمثل في تطوير الصناعات البتروكيماوية، والتي لم يتم تنفيذها إلا جزئيا على الأرض بسبب نقص الموارد المالية للدولة. أعتقد يضيف شكيب خليل، أننا يجب أن نراجع هذه الإستراتيجية بالنظر إلى التطورات والمتغيرات الداخلية والخارجية، واعتمادها من قبل الدولة ومن ثمة البدء في تنفيذها تدريجيا بحسب ما تسمح به الإمكانيات المالية لسوناطراك والدولة. المزيد من استخدام الغاز الطبيعي محليا لتلبية احتياجات صناعة البتروكيماويات وإنتاج الأسمنت والأسمدة مكنا من تطوير العديد من المشاريع التي تذر العملة الصعبة حاليا على الجزائر. ينبغي اعتماد المزيد من هذه المشاريع باستخدام المزايا المقارنة للجزائر في إنتاج وتصدير هذه المنتجات وخصوصا وأن تصدير الغاز الطبيعي أصبح يشهد منافسة قوية، كما سبق وأن أشرت إليه سابقا، فهذه المشاريع لا تساهم في النمو الاقتصادي وحسب، بل إنها تساهم في خلق الآلاف من فرص العمل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى