اقتصاد وأعمالالرئيسيةسلايدر

علي حداد يتخبط هروبا من المساءلة القانونية

* اشترى فنادق وطائرات وبنك في الخارج واستحوذ على عشرات العقارات بالجزائر

يوسف محمدي

يعتقد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد، أن الظهور مع مستشار رئيس الجمهورية وشقيقه السعيد بوتفليقة، قبيل تشييع الراحل رئيس الحكومة الأسبق وعضو المجلس الأعلى للدولة رضا مالك، تكفي لايهام الجماهير أنه أنتصر وأنه فوق المساءلة وفوق القانون، وأنه يستطيع تغيير الصورة التي أكتشفها الشعب الجزائري بأن مجمع شركات حداد يأخذ المشاريع من الدولة ولا ينجزها، وأنه نهب أموال الجزائريين وقام بتهريب بعضها إلى الخارج.

هل تكفي الصور الاستعراضية التي ظهر فيها علي حداد بمقبرة العالية خلال تشييع الراحل رضا مالك رحمه الله، للتغطية عن مصادر الأموال التي أشترى بها علي حداد طائرة خاصة في تركيا وبنك في إسبانيا، أو للتغطية عن حيازة قطعة أرض مساحتها 22000 م2 بطريقة مشبوهة بجوار محطة الحافلات بالخروبة لبناء فندق من 50 طابقا وبتمويل من البنوك العمومية بنسبة لا تقل عن 80%.

لقد وجد حداد نفسه في الزاوية، بمجرد تنحية عبد المالك سلال في الوزارة الأولى ومدير ديوانه الذي كان موظفا لدى علي حداد قبل أن يلتحق بسلال في الوزارة الأولى ليضعها تحت تصرف حداد.

ليس جديدا أن يلجأ بعض مفترسي المال العام في الجزائر إلى الصورة لتضليل الرأي العام، وإيهام الجزائريين أنهم اقرب إلى السلطة ورجال السلطة أو من يصنع القرار داخل السلطة أو في دواليب الحكم سواء مدنيين أو عسكريين.

وليس سرا أن بعضهم كان لا يتوانى في اللجوء لشراء مواعيد بالعملة الصعبة مع بعض رجالات السلطة الأقوياء، ومنهم من كان جل حلمه أن يجالس في ذات الطاولة وزير أو رئيس حكومة أو جنرال مهم، فكيف لا يهرول هؤلاء اليوم لأخذ صورة مع مستشار رئيس الجمهورية لاستعمالها بدون علم الرجل لتحقيق مكاسب.

لقد سمعنا خلال السنوات الماضية أن الكثير من رجال الأعمال أصبحوا ينسبون لمحيط الرئيس بعض المباني التي تنجز في العاصمة الجزائر، ومنهم من لا يستحي في الترويج في السر والعلن أن بعض العقارات التي تنجز في أحياء راقية من العاصمة هي ملك لأشخاص من محيط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لعلمهم أنه لا يوجد من يجرأ على سؤال المعنيين حول حقيقة الأمر.

من المؤكد أنه أصبح الحديث باسم محيط الرئيس طريقا سالكا للثروة أو للسيطرة على بعض الأملاك العقارية بدون حسب ولا رقيب، وبالتالي يصبح في هكذا حالات استغلال الصورة أحد الطرق لتحقيق أغراض معينة ومنها تحدي الإدارة ورفض الرضوخ لسلطة القانون عندما توجه إعذارات بخصوص مشاريع تم الحصول عليها في العام 2010.

إن الذين يريدون شخصنة قضايا مكافحة الفساد وإظهارها للرأي العام على أنها قضية بين الوزير الأول عبد المجيد تبون وعلي حداد، هم في الحقيقية يريدون تحوير النقاش الحقيقي وتكسير مسعى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي جاء في مخطط عمل الحكومة ، في المهد، وعدم إعطاء الفرصة للرأي العام لاستيعاب الأمر، من خلال تحريكهم آلة التشويه وضرب الثقة التي بدأت تتشكل، وهذا خوفا من عزلة لوبيات النهب المنظم التي أصبحت تشكل خطر على الأمن القومي، والتي أصبحت تشكل خطرا على الجزائر وعلى استقلالها، لا يقل خطورة على التهديدات التي تشكلها التنظيمات الإرهابية على الحدود أو خطر مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي شرعت فيه كوندوليزا رايس.

عندما تقمع إرادة مكافحة الفساد في المهد، فهذا يعني نجاح استمرار مافيا الافتراس في مهمتها إلى منتهاها والسيطرة على الدولة الجزائرية كما هو مخطط لها من زمرة المال الفاسد التي تمكنت من دس الكثير من عناصرها في المناصب الحساسة على غرار البنوك والمؤسسات المالية وغيرها، وحتى داخل المؤسسة التشريعية لتعبيد الطريق لوضع تشريعات تسمح بإحكام السيطرة النهائية على دواليب الاقتصاد وتوفير أدوات السيطرة على الحكم وما الطريقة الفوضوية التي تعمل بها وسائط الإعلام السمعية البصرية الخاصة، إلا تأكيد على انخراطها في الخطة من خلال توجيه الصورة بطريقة غير أخلاقية لترويع الشعب وتضليله وتركيعه ودفعه إلى فقدان ما تبقى من أمل.

 

ما معنى أن يتحرك حداد بهذا الشكل؟

مثل توجيه اعذارات لمجمع شركات حداد وشركات أخرى، ضربة موجعة لمافيا النهب والافتراس التي ظلت خارج أي مساءلة لجملة الظروف التي يعرفها الجزائريون منذ سنوات. وعليه بات أحسن طريق للدفاع هو الهجوم. ولم يستحي علي حداد في الرد على الاعذارات ومطالبة الدولة بـ11 مليار دج، على الرغم من أن الجميع يعرف أنه لم يحصل على هذه الصفقات بطريقة شريفة أو بالأحرى عن طريق المنافسة الشريفة، بل حصل على بعضها أو جلها بالتراضي البسيط أو بتوجيه الصفقات على نحو لا يفوز بها غيره.

يعرف الجميع بمن فيهم السفارات الأجنبية للدول الكبرى في العاصمة الجزائر ومنهم سفراء أمريكا وكندا والصين وفرنسا وبريطانيا وايطاليا واسبانيا على الأقل، أن لا مجال لشركاتهم الوطنية للفوز بمشروعات في الجزائر في ظل وجود مجمع حداد الذي لا يتوفر على أي قدرات انجاز حقيقية، وراح بعضهم أو القبول بدور المناولين من الباطن لصالح مجمع شركات حداد، والمناولة هي الطريقة التي مكنت مجمع شركات حداد من تهريب مات ملايين الدولارات إلى الخارج عبر تقنية تضخيم قيمة المشاريع، وإلا كيف تمكن من شراء طائرات وفنادق وبنوك وعقارات عديدة في الخارج، الكل يعلم أنه لا يملك أي نشاطات خارج الجزائر تسمح له بالتملك في الخارج.

من الصعب على السلطات أن تبرر للمجتمع أي مطالب بالتقشف أو قبول أي إجراءات قد يتضمنها قانون المالية للعام 2018 بخصوص الرسوم والضرائب أو أي إصلاح في نظام الدعم، وهي عاجزة عن مساءلة شركات تحصلت على مشاريع قبل 10 سنوات ولم تنفذها إلى اليوم على الرغم من أنها على علاقة مباشرة بحياة الساكنة على غرار الطرق والمياه والسكك الحديدية وغيرها من مشاريع البنية التحتية، والأدهى والأمر أن هذه المشاريع يتم تمويلها عبر ميزانية الدولة وسنويا من خلال قوانين المالية، بمني أنها التزامات نهائية ولكن لم يظهر لها أي أثر في الميدان ولا على حياة الناس.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى