اقتصاد وأعمال

عمارة زيتوني:مجلس المنافسة أفرغ من مهامه ويتعارض مع المادة 43 من الدستور  

نسرين لعراش

وشهد شاهد من أهلها، هذه الصورة يمكن أن تختصر الوضع العجيب الغريب الذي يوجد عليه مجلس المنافسة بالجزائر، والذي كان يتبع رئاسة الجمهورية بين 1995 و2003 قبل أن يتم تحويله إلى وصاية وزارة التجارة مما أفرغه من مهامه وافقده السلطة المعنوية التي تسمح له بإنفاذ القانون بحسب رئيس مجلس المنافسة عمارة زيتوني.

وقال عمارة زيتوني، الأحد29 مايو بالجزائر إن مشاكل جدية، تعترض المجلس في تنفيذ مهامه في الضبط، مطالبا بضرورة المضي نحو التعديل الفوري للأمر تعديل الأمر 03-03 المؤرخ في 19 يوليو 2003 والمتعلق بالمنافسة قصد تصحيح الاختلالات، مضيفا أن القانون الحالي يتعارض مع المادة 43 من دستور 7 فبراير.

وتحدث رئيس مجلس المنافسة للمرة  الأولى بصراحة غير معهودة، خلال يوم دراسي حول دور مجلس المنافسة في ضبط السوق، مشيرا إلى أن مجلس المنافسة الذي تمت إعادة تفعيله بعد 10 سنوات من السبات يواجه مشاكل جدية.

وأوضح زيتوني، أن عدم الانسجام في النص القانوني المؤطر للمنافسة أدى إلى تداخل الصلاحيات في هذا المجال وتشتت المصالح المكلفة بمراقبة ومعاقبة الخروقات لقواعده.

وتسببت التحرير الغريب للنص 03-03 في بروز هيمنة واحتكار غريب للسوق الجزائرية في العديد من المجالات ومنها الزيت والسكر حيث كشفت أرقام رسمية أن مجمع سيفتال ضل مهيمنا بشكل كلي على السكر والزيت بنسبة تفوق 90% لأزيد من 15 سنة بدون أن تتحرك الحكومة الجزائرية وهي حالة لم تحدث في أي دولة من دول العالم بما فيها كوبا وكويا الشمالية.

ولتأكيد العبث بالقانون والدوس عليه قامت الحكومة ضاربة بكل الأعراف والممارسات التجارية عرض الحائط وفي ظروف مشبوهة بإلغاء تابعية المجلس لرئاسة الجمهورية وإلحاقها بالحكومة قبل التنازل عليه بدورها وإلحاقه بوزارة التجارة، ولم تكتفي بذلك بل جمدته لأزيد من 5 سنوات إلى غاية 2008، ما ترك الحبل على الغارب لمافيا محلية اغتنت على أكتاف الجزائريين وبشكل غير أخلاقي سامج منحرف وبحماية من مافيا مالية تهيمن على الإدارة الاقتصادية ومصالح الضرائب جهارا نهارا، فضلا عن أن التغيير الذي حصل افرغ الهيئة من جوهرها وهو ما أثر سلبا على الإطار القانوني المنظم للهيئة ودورها ومهامها.

وأعترف زيتوني، أنه في الوقت الذي كان ينتظر من المجلس أن يلعب دور “شرطي الأسواق”، لم يستطع – المجلس – أن يجد مكانته في الهيكل المؤسساتي للبلاد.

 

مجلس المنافسة الجزائري يسير عكس الاتجاه العالمي

فضيحة وجريمة كاملة الأركان، كشف عنها عمارة زيتوني، باعترافه أن القانون الساري حاليا يسير في عكس الاتجاه العالمي الرامي إلى تأسيس مجلس المنافسة كسلطة واحدة لمعالجة القضايا المتعلقة بالمنافسة ابتداء من اكتشاف الخروقات إلى التحقيق فيها ثم إصدار العقوبات، وهو ما لا يسمح بتحقيقه من خلال القانون الحالي، وبل وتجعله منافسا للمادة 43 للدستور الحالي الصادر في 7 فبراير والذي كرس مبدأ منع الاحتكار والمنافسة غير الشريفة وعزز حقوق المستهلك وعدم التمييز بين المؤسسات في الحصول على دعم الدولة.

 

قرارات المجلس لا تطبق رغم وجود احتكار مؤكد

كشف عمارة زيتوني، أن المجلس منذ إنشائه، اتخذ المئات من القرارات التي تضمنت عقوبات مالية وإنذارات ورفض طلبات التدخل، ولكنها لم تطبق.

وأوضح الخبير الاقتصادي محمد شريف بلميهوب، أن السوق الجزائري يسجل عدة حالات احتكار أو شبه احتكار، مضيفا أن وجود متعاملين متعددين في السوق لا يعني بالضرورة بأن السوق تنافسي، داعيا الدولة للتدخل لتطبيق القانون وإنهاء احتكار أقلية من المؤسسات للسوق في بعض القطاعات، مؤكدا أن ضبط الدولة الفعال للسوق هو حتمية أكثر من أي وقت مضى لأن احتكار قلة من المتعاملين في بعض القطاعات كالاتصالات والبحث والتطوير والصيدلة والطاقة يعد أكثر فعالية من المنافسة.

 

فوضى التجارة الخارجية

اعتبر الخبير الاقتصادي ونائب رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي مصطفى مقيدش، الفتح المفاجئ، للتجارة الخارجية خلال سنوات التسعينيات، هو سبب صعوبة تقبلنا إلى اليوم لعمليات الضبط، منتقدا بحدة عدم فعالية الضبط التجاري في الجزائر لافتا بالخصوص إلى التوسع المتواصل للسوق الموازي.

 

أهم التجاوزات المسجلة في الجزائر

ويتعلق الأمر بالتوافق والأعمال التشاورية عندما تهدف إلى منع أو الحد من المنافسة (تقاسم حصص السوق أو مصادر التموين وتحديد الأسعار والهوامش…) وسوء استعمال حالة السيطرة على السوق أو احتكاره والحصرية في ممارسة نشاط ما وسوء استغلال مؤسسة لحالة تبعية زبون أو ممون (رفض البيع والبيع المشروط…).

ومن بين الممارسات التي تمس بمبدأ المنافسة تطبيق أسعار منخفضة بالمقارنة مع تكاليف الإنتاج أو التسويق في حال كان ذلك يعرقل مؤسسة أخرى.

ويمنع بموجب القانون التركزات الاقتصادية السيطرة على أزيد من 40% من حصص السوق في قطاع من القطاعات، ولكن هذا البنك لم يطبق أبدا في الجزائر حيث يهيمن بعض المتعاملين على 90% من مواد إستراتجية بدعم مشبوه من جهات نافدة وفي الكثير من الأحيان باستخدام الابتزاز وتحريك الشارع وربما العمل على إسقاط الحكومة أو حتى طرد الوزراء الذين حاولوا في بعض المرات إنفاذ القانون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى