أراء وتحاليلالجزائرالرئيسيةبين الفكر والسياسةسلايدر

عودوا إلى بيوتكم !

فيلم “معركة الجزائر” الغني عن التعريف، لمخرجه جيلو بونتيكورفو والذي لعب فيه ياسف سعدي دوره الشخصي خلال ثورة التحرير، إلى جانب ممثلين آخرين جسّدوا علي لا بوانت، و بتي عمر، وحسيبة بن بوعلي وغيرهم من الأبطال والبطلات ؛ الفيلم الذي شاهده كل جزائري على الأقل عشرة مرات في حياته ينتهي بمظاهرات 11 ديسمبر 1960، حين خرج الشعب الجزائري عن بكرة أبيه معلنا لقوات الاحتلال قراره النهائي ببسط سيادته على أرضه، و هو ما كان يعني نهاية الاستعمار.

يصدر في المشهد الأخير من الفيلم صوت من معسكر قوى القمع، بين دويّ الرصاص وضباب الغاز المسيل للدموع، وهو يصيح بهذه الكلمات: “عودوا إلى بيوتكم ! ”

لكن الجزائريين والجزائريات الذين كانوا يتظاهرون ذاك اليوم كانوا في بيتهم، وكل ما كانوا ينتظرونه هو الاعتراف بذلك. هم كانوا في بيتهم بينما الصوت هو الذي كان سيعود إلى بيته عن قريب.

نفس الشعب الجزائري الذي تظاهر في ذلك اليوم التاريخي هو الذي يتظاهر اليوم و في نفس الأماكن. الفيلم المذكور كان يتمحور حول العاصمة فقط لكن الواقع كان نفسه في جميع أنحاء البلاد، مثلما هو اليوم.

الفرق أن الجد والجدة والأب والأم، استُبدلوا بأبنائهم و بناتهم و أحفادهم وحفيداتهم. و يتوق هؤلاء بنفس القوة إلى السيادة، لكن هذه المرة على دولتهم. يوجد في وسطهم، كما لو كان ذلك غمزة للتاريخ، البعض من أبطال “معركة الجزائر” الذين لازالوا على قيد الحياة مثل ياسف سعدي وجميلة بوحيرد وآخرين كذلك بالتأكيد.

يجب على الباءات الثلاثة والفريق قايد صالح أن يدركوا أن الجزائريين عندما يتحوّلون من الحالة “الفيزيائية-الكيميائية” لمجرد أفراد منفصلين بعضهم عن بعض، إلى الحالة “النفسية-الكيميائية” لمواطنين يتلاحم بعضهم ببعض في التفكير والعمل، فإنه لا يستطيع أحدٌ أن يعيدهم إلى بيوتهم دون أن يحملوا بين أيديهم كأس النصر.

لن يعودوا إلى بيوتهم، ولن يشعروا أنّهم في بيتهم قبل أن يصفوا حسابهم مع “النظام” الذي يستعمرهم منذ عام 1962.

هم اليوم يهتفون جميعا بصوت واحد، و يصيحون أمام الوجوه القبيحة و المتعددة للنظام، سواء تلك التي في الواجهة أو التي تتآمر في الظل: “ارحلوا ! عودوا إلى بيوتكم! “.

لم يفت الأوان بعد للإنصات والتفاوض والتعاون مباشرة معهم لما فيه خير الجميع، بدلا من الاستمرار في إملاء خرائط طريق لا يمكن أن تُقبل، كما كان يفعل في الماضي الاستعمار.

غدا أفضل من حين يفوت الأوان.

بقلم نورالدين بوكروح

ترجمة بوكروح وليد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى