اقتصاد وأعمال

فالس انتقل إلى الجزائر العاصمة لتوقيع عقد إنشاء مصنع “مايونيز”!

نسرين لعراش

أنتهى اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى الثالث الذي عقد بالعاصمة الجزائر برئاسة الوزير الأول عبد المالك سلال ونظيره الفرنسي مانويل فالس، إلى حصيلة هزيلة، بل وهزيلة جدا وخاصة في المجال الاقتصادي وتوسيع الاستثمارات المنتجة، التي تعبر فعلا عن وجود نية حقيقية لدى السلطات الفرنسية في مرافقة الجزائر في تنويع اقتصادها.

وعكس العدد الهزيل للاتفاقيات التي تم توقيعها على هامش الاجتماع الثالث للجنة، طبيعة التوتر في علاقات الجزائر وفرنسا خلال الأشهر الأخيرة والتي وصلت إلى درجة استدعاء السفير الفرنسي بالجزائر ورفض منح تأشيرات لصحفيين فرنسيين كان يفترض أن يرافقوا الوزير الأول في زيارته إلى الجزائر.

وتعتبر اللجنة العليا المشتركة إطارا للتشاور والتنسيق تم إقراره بمناسبة إعلان الجزائر حول الصداقة والتعاون بين الجزائر وفرنسا الموقع في ديسمبر 2012 من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ونظيره الفرنسي فرانسوا هولاند عقب زيارة الدولة التي قام بها هذا الأخير إلى الجزائر.

وتم توقيع 38 مذكرة تفاهم واتفاق في مختلف مجالات التعاون، ولكنها لم تتعدى 12 اتفاقية في مجالات استثمار هامشية ولاتمثل أي بعد استراتجي، منها اتفاقية مجال زراعة الأعضاء والتعاون في مجال المنجمى مع شركة مناجم الجزائر “منال”، واتفاق حول توسيع مصنع “سيتال” بعنابة ومشروع أخر يعتبر “إستراتيجي” بالنسبة للجزائر ويحتاج لحضور الوزير الأول الفرنسي شخصيا وهو مشروع أقامة مصنع “المايونيز” بالشراكة بين لوسيور الفرنسية ومجمع جعدي الجزائري، فيما تم إلغاء التوقيع على العقد الخاص بإنشاء وحدة لتجميع سيارات بيجو -ستروين التي يتم استيرادها مفككة من فرنسا.

 

ويخص بروتوكول الاتفاق الأول إنشاء شركة مختلطة لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية و أغذية الأنعام بالشراكة مع مؤسسة مناجم الجزائر (منال) فرع مجمع أسمدال والمجمع الفرنسي رويي.

ومن المقرر أن يتم إنشاء هذا المصنع لتثمين الفوسفات بواد الكبريت (تبسة).

فيما يتضمن الإتفاق الثاني توسيع نشاط مصنع تركيب و صيانة عربات الترمواي (سيتال) الذي تم تدشينه في ماي 2015 إلى الهندسة وصناعة وصيانة العربات قصد توجيه جزء من الإنتاج إلى التصدير.

وتعد هذه الشركة المختلطة ثمرة الشراكة بين المؤسسة الوطنية لانجاز عتاد و تجهيزات السكك الحديدية (فيروفيال) وشركة مترو الجزائر والشركة الفرنسية ألستوم.

أما الاتفاق الثالث فيخص إنشاء مصنع للإنتاج الصناعي والتوظيب والتسويق بالجزائر والخارج لمنتجات تحمل علامة لوسيور (مجمع أفريل) المختص في الصناعات الغذائية.

وسيتم تجسيد هذا المشروع بالشراكة بين لوسيور والمجمع الجزائري جعدي.

وتعبر الحصيلة السلبية والهزيلة عن “العبثية” و”قلة الاحترام” التي تتعامل بها السلطات الفرنسية مع الجزائر، وهو ما يظهر من خلال طريقة تعامل الشركات الفرنسية مع الجزائر، ففي الوقت الذي تعلن فيه مجموعة رونو عن إطلاق قاعدة عالمية لصناعة اللواحق في المغرب بقيمة 1 مليار أورو وبرقم أعمال ابتدائي في حدود 2 مليار أورو سنويا بغرض رفع معدل الإدماج المحلي لسيارات رونو التي تصنع في المغرب، لا يستحي الوزير الاول الفرنسي والوفد المرافق له المكون من 10 وزراء وحولي 50 رئيس مؤسسة في توقيع عقد لإنشاء مصنع المايونيز.

هل يحتاج مصنع المايونيز لحضور الوزير الأول عبد المالك سلال ومانويل فالس، ووزير الصناعة الجزائري عبد السلام بوشوارب، هل تكفي هكذا “صفعة” للاستفاقة من وهم الاستثمارات الفرنسية في الجزائر، هل تكفي هكذا إهانة لنعرف بأن سقف التنازلات المقدمة للشركات الفرنسية لا يهمها لأنها تعتبر الجزائر سوقا ومجالا طبيعيا، بل وحديقة خلفية لها؟

المحصلة أن الذي يهم فرنسا هون استرجاع صدارة الموردين للجزائر التي فقدتها لصالح الصين، عين لم تتعدى صادرتها إلى الجزائر عام 2015 مثلا 5.4 مليار دولار مقابل 8.22 مليار دولار لصالح الصين. هذا ما يهم فرنسا، أما الاستثمار فيكفيها أنها تجد من يردد مغالطاتها بأنها أول مستثمر في الجزائر بـ2 مليار دولار، في حين ترفض التوضيح هل يتعلق الأمر بتراكم الاستثمارات أو استمارات أجنبية مباشرة جديدة. في حين أن الأمر يتعلق برصيد الاستثمارات الفرنسية لحوالي عشرية كاملة لأنها توقفت عن الاستثمار في الجزائر منذ 2012 باعتراف وزارة المالية الفرنسية.

في الحقيقة لا نعرف ما إذا كان حري بنا توجيه اللوم للفرنسيين الذين يدافعون عن مصالحهم وهذا من حقهم الطبيعي، أم نلقي باللائمة على بعض الجزائريين الذين يدافعون عن مصالح فرنسا أكثر من مانويل فالس شخصيا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى