الرئيسية

قراءة موجزة في متطلبات تعديل الدستور

لم يحدث في الجزائر و أن شارك الشعب في صياغة أو مناقشة مواد القانون كما فعل و يفعل مع الدستور في هذه الأيام و على بعد 40 يوما من الإستفتاء.

عبدالوهاب بريهي (1)

تعددت الآراء حول مشروع القانون المتعلق بنص تعديل دستور 1976 و تضاربت في بعض الأحيان بشكل عنيف يتهم فيه بعضهم البعض لمجرد أن تثار نقطة خلاف في مادة قد لم تكن معنية بالتغيير أصلا.مشروع الدستور المطروح بشكل رسمي للإستفتاء بعدما استدعى السيد الرئيس الهيئة الناخلة لموعد 01 نوفمبر 2020 لا يحمل الكثير من التعديل و يمكن اعتباره لا حدث برغم الضوضاء الحاصلة و برغم الآمال المعلقة على وعد الرئاسة بترسيم جزائر جديدة تحترم فيها الحريات و تحقق العدالة الإجتماعية و كل الخطابات الرنانة و المستهلكة.


الدستور الجزائري و لو تمعنا في طبيعته المرنة يحتمل التعديل في كل شهر ما لم يعارض البرلمان و بمجرد التوقيع على مراسيم رئاسية كما حصل في 1989 و في كل مرة يحتاج فيها النظام لقضاء حاجة ملحة أو نزوة عابرة.
برغم اختلاف الظروف في هذه المرة عن سابقاتها أرى بأن التعديل جاء استجابة لمطلب شعبي كنتاج لحراك 22 فيفري 2019 و الذي توعد به المترشح للرئاسة على سبيل امتصاص غضب الشارع و أكدته بعض المعطيات المستجدة في مجال العلاقات الدولية و تفعيل دور المعارضة السياسية إلى جانب تحرير العدالة و تشجيع الشباب.


هي العناوين الكبيرة في هذا التعديل و الذي كان من المفروض أن يكون دستورا جديدا و ليس مجرد تعديل عجلت به الظروف الأمنية و الصحية و كذلك السياسية باعتباره وعد نطق به السيد الرئيس أثناء حملته الإنتخابية و ألزمه الصدق أمام مجتمع تدمر من أكاذيب النظام السابق.يتطلع برأيي السيد الرئيس إلى بناء جزائر جديدة برجال أصدقاء و كوادر معتمدة و شابة و يخطط لأن يكسب ثقة الجميع قبل الخوض في تقديم دستور جامع لا يتحول مع الظروف.


مشروع الدستور تطرق إلى تحديد نظام الحكم بأن جعله برلمانيا في حالة فوز المعارضة و رئاسيا عند فوز الموالات أو حزب أو تحالف الرئيس و شرع المفوض لدى الرئاسة بتنظيم المجتمع المدني لأجل أن يكون البديل لنقص أو عيب الأحزاب السياسية الملطخة بسوء تسيير االأزمة و بالفساد الممتد إلى غاية البرلمان و كل المجالس المنتخبة.


قضية مشاركة الجيش الشعبي الوطني في الصراعات الحاصلة خارج مجال السيادة الوطنية مستحدثة و لم يتطرق لها الدستور الجزائري من قبل و لكنها أصبحت ضرورية بالنظر لما يحصل بجوارنا من كل جانب و ما تستدعيه الحسابات الجيوستراتيجية و التقنيات العسكرية المتطورة.


استقلالية القضاء برغم أنها لم تبلغ مرحلة النضج تبقى دافعا لسلك القضاة أن يتحرر من ضغط الإدارة و ممارسة صلاحيته بمهنية و بما يخول له القانون, بالطبع أنشئت بعض الهيئات في آخر النص و لو أن أغلبها لم تعدل و لم يسبق لها التفعيل أو استصدار نصوصها التطبيقية.

خلاصة القول دستور 2020 يهدف إلى ربح الوقت و تحضير المجتمع إلى تنظيم صفوفه من أجل خلق ظروف أحسن لأنطلاقة مدروسة تكون بخطى ثابتة و ترمي إلى جزائر قوية واحدة و موحدة.
(1) عبدالوهاب بريهي :  رئيس مصلحة التسيير بمحافظة العابات لولاية قسنطينة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى