أراء وتحاليل

لماذا “الجزائر اليوم.كوم” (aljazairalyoum.com)؟

عبد الوهاب بوكروح* 

أول ما تم التفكير في هذا المشروع وبدأ يترسخ في ذهني كان خلال المتابعة عن كثب للمشاكل الهيكلية التي تعانيها أكبر المؤسسات الإعلامية العالمية العريقة في الاستمرار في طبع ملايين النسخ الورقية اليومية أمام انحصار الإعلانات المطبوعة من جراء التحول العالمي نحو الإعلان الالكتروني الأقل كلفة والأكثر مردودية، وكذا مراقبة الضغوط التي تتحملها الجرائد المحلية في الجزائر واعتماد 98٪ منها على ريع الإشهار الحكومي ومطابع الدولة وورق الطبع المدعوم المستورد من الخارج نسبة 100 بالمائة.

التحديات المشار إليها قابلتها طفرة رقمية عالمية لا يمكن للجزائر العيش بعيدا عنها وهو ما يعكسه تطور عدد المشتركين والمرتبطين بشبكة الانترنت ومن خلالها بشبكات التواصل الاجتماعي المختلفة على غرار “فيسبوك” و”تويتر”.

وللمقارنة قفزت نسبة المشتركين في شبكة الهواتف الجوالة من 0.5٪ العام 2000 إلى 109٪ نهاية 2014، وبالأرقام قفز عدد المشتركين من 60 ألف مشترك إلى 43 مليون خلال نفس الفترة. وبلغ عدد المرتبطين فعليا بشبكة الانترنت 11 مليون مشترك منهم 8 ملايين للانترنت الجوال و3 مليون للانترنت الثابت.

هذه الحقائق مثلت حوافز للتفكير بشكل مغاير ودفعتنا لمجاراة الواقع الجديد والاستفادة من تجارب مؤسسات عالمية أكثر عراقة طلقت الورق وأنتقلت إلى الرقمية كليا أو جزئيا، وعلى رأسها مجلة “نيوزويك” أو “نيويورك تايمز” التي قال رئيسها التنفيذي مارك تومسون إن الصحافة الرقمية هي مستقبل الشركة. وقال تومسون “الصحافة الرقمية هي المجال الرئيسي للنمو”.

إن خيار الرقمية لا يوفر فقط فرصا هائلة لتجنب الكثير من التكاليف التي لا طائل منها على غرار الطبع والتوزيع وغيرها، بل يوفر أيضا مجالات لا حدود لها لاستقلالية “الجزائر اليوم.كوم” في زمن اصبح من غير الممكن الفرز بين الصديق الصدوق والعدو المتربص، كما يمثل هذا الخيار فرصة للتشبث بالمهنية والاحترافية والوقوف مسافة واحدة من الجميع بشكل يضمن لنا أن لا ننحاز سوى للقارئ وله فقط.

لقد قررنا أن تكون “الجزائر اليوم.كوم” (aljazairalyoum.com) حتى نكون أبناء اليوم ونطمح للمستقبل، لمستقبل أفضل على كل الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الثقافية في زمن التضليل والنفاق والمحاباة والمداهنة لتحقيق مآرب شخصية وعائلية على حساب المصلحة الجماعية، وهذا من قبل أمبراطوريات المال الفاسد ومافيات سياسية ومالية تشكلت على مدار ربع قرن الأخير.

لن نخوض في تصفية الحسابات لأن عدونا الأوحد هو الفساد، كما سنعمل على تسمية الأشياء بمسمياتها بدون مجاملة ولا مداهنة وبدون خوف.

سيكون سعينا الحثيث للحق والحقيقة وسنرى بكلتا أعيننا ونسمع بكلتا الأذنين، سنفتح صفحاتنا لكافة التيارات من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين وفق القانون، لأننا نقدس الاختلاف ونؤمن أنه فعلا رحمة. سنلتزم بآداب الحوار لا نسب أحدا ولا نشتم ولا نجرح أو نقذف أحدا، لأن كل ذلك يختلف مع القيم والاعراف والاخلاق التي تربينا عليها ونقدسها ونؤمن بها، قبل تعارض ذلك مع التشريعات والقوانين.

سنكون مستقلين بأرائنا وسنعطي خلفيات صادقة للأخبار قدر جهدنا وبعمق، سنعترف بالخطأ عندما نرتكبه وسنعتذر عنه علنا ونعمل على تصحيحه، وسنفرد مساحة ومساحات للتعبير الحر والرأي الحرّ، كما نلتزم بعدم الخوض في خصومات الزملاء ولا معاركهم، لأن معركتنا الوحيدة هي محاربة الفساد والتهميش والاقصاء والشمولية والقمع والتسلط والنهب والتخلف والجهل والظلامية والغُلو والغش والفتنة بكل اشكالها، من منطلق الإيمان بأن المساواة في الحقوق والواجبات هي الباب إلى العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان.

أقصى ما نأمله هو إعلام مهني وشريف يرقى لتطلعات القارئ الجزائري والعربي والقارئ بالعربية في أية رقعة من هذا العالم القرية. فنحن لم نأتي لمزاحمة أحد، كما أننا لا ندعي الكمال فذلك كله لله سبحانه وتعالى، فنحن بشر والبشر يصيب ويخطأ وما العصمة إلا للأنبياء. سنجتهد بشرف وسنترك الحكم للقارئ الذي هو تاج رأسنا، القارئ الذي أمنا دائما بذكائه وقدرته على التفريق بين الغث والسمين والجيد والرديء لأنه في الأخير لا يصح إلا الصحيح، سنحترم عقل القارئ.

سنحترم ثوابت هذه الأمة من أمازيغية وإسلام وعربية، كما سنحترم التعدد والتنوع والاختلاف، وسندافع عن ذلك بالنفس والنفيس.

لن نلبس نظارات سوداء، سنقول للمحسن أحسنت وللمسيئ أسأت، سنقول الحق ولن نخشى في الله لومة لائم. سنكون أنصارا للحق ومدافعين عنه ولن نراوغ أبدا.

“الجزائر اليوم” ستكون بحول العلي القدير، عصارة تجربة إعلامية طويلة ومتنوعة في الصحافة الجزائرية والعربية والدولية، سنرفع سقف الحرية في ظل احترام الاعراف والقوانين والنظم.

“الجزائر اليوم” تنطلق من الجزائر إلى العالم، ستجدد على مدار الساعة، بجهود شباب أمنوا أن مستقبلهم يصنع بأناملهم وبعرقهم وتضحياتهم وليس بجهد الآخرين، شباب يؤمنون أنه لا مكان في هذا العالم للشعوب التي تدير ظهرها للمستقبل.

 

*: المدير العام ورئيس تحرير “الجزائر اليوم”. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى