اتصالالجزائرالرئيسيةسلايدر

ماذا يفعل الجزائريون بحكومة هزمها الفساد وحراس “الباركينغ” والكوليرا ؟  

يوسف محمدي

هل “بلغ السيل الزبى”، الجواب الأكيد عند الذين لهم الحق الإلهي في تعيين الحكومات وإنهاء مهامها، في ظل اللاعقاب المطلق.

في ظرف أقل من ثلاثة أشهر، انكشفت عورة الحكومة الجزائرية تماما أمام الرأي العام الوطني والدولي، وباتت تتخبط يمنة ويسرة لا تختلف عن الذي به مس من جن.

هل يخفي هذا التخبط غير المسبوق أن الأمور ليست على ما يرام في أعلى هرم السلطة، قبل أشهر قليلة عن نهاية الولاية الرئاسية الحالية (الرابعة) للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وخاصة عندما يعرف الجميع أن السلطات في الجزائر كلها ممركزة بشكل مطلق في يد الرئيس الذي يعيش وضعا صحيا لا يخفى على أحد منذ 2013 .

مطلع الصائفة الحالية وفي جو “إيماني” رمضاني، طلعت الأخبار على الجزائريين بالطامة الكبرى، 701 كلغ من الكوكايين، مستوردة من البرازيل ضمن شحنة لحوم لتاجر جزائري ينشط أيضا في قطاع العقارات الذي يعرف الجميع أنه أكبر مستنقع للفساد وتبييض الأموال وإبرام الصفقات التي أقل توصيف لها أنها محل شبهات، ومع ذلك بدأت القضية الأم تتوارى  بعد أن أصبح التحقيق في النشاط العقاري لـ المدعو كمال شيخي أهم، ومع ذلك وإلى اليوم لا يعلم الجزائريون من أخبر السلطات الجزائرية بوجود شحنة الكوكايين في لحوم البرازيل.

أيام بعد ذلك، يطل علينا وزير الداخلية والجماعات المحلية، بتصريح أغرب من الغرابة، مضمونه أن الشواطئ مجانية، صدق الجميع الرواية، حتى بدأ الموت يحصد الفقراء الذين صدقوا رواية الوزير، فمن بجاية إلى بومرداس، قتل مواطنون من طرف عصابات استغلال الشواطئ ومواقف السيارات بغير وجه حق.

“انهزام ” الحكومة أمام مافيا الكوكايين ومافيا استغلال الشواطئ، ليس أقل من انهزامها – الحكومة الحالية – والحكومات المتعاقبة منذ عقود أمام مافيا العملة الصعبة في بور سعيد.

الحكومة والبنك المركزي يمنحون العملة الصعبة لمافيا الاستيراد التي تعمل على تضخيم الفواتير ثم تحول الفارق إلى السوق السوداء لبيعه للمواطنين الذين يريدون السفر للسياحة والعلاج والدراسة، ثم لا تستحي هذه الحكومة، عندما يتقدم مواطن إلى للحصول على منحة سنوية تعادل 100 يورو أصبحت عبارة عن إهانة لكل من يحمل جواز سفر أخضر.

هزيمة الحكومة أمام السوق السوداء للعملة الصعبة الممتدة زمنيا لعقود منذ ثمانينات القرن الماضي، سبقها أيضا انتشار غريب للقمامات والأوساخ في جميع الولايات والبلديات ومنها بلديات العاصمة وأحيائها الأكثر رقيا (على الورق) والتي صاحبها انتشار بعوضة النمر المستوردة من دول جنوب أسيا داخل حاويات النهب المنظم لشركات استيراد -استيراد.

لقد امتد عجز الحكومات الجزائرية من مكافحة البوحمرون والتيفوئيد، إلى العجز في حماية المواطنين ضد الجريمة المنظمة، بل إن هذا العجز بات مخزيا، أمام الشعوب الأخرى والدول الأخرى، وأصبح صمت الحكومة يشبه إلى حد بعيد الاستقالة من القيام بالواجب.

هل يمكن أن تطالب حكومة بهذا العجز بضرورة وضع آليات لمواجهة انهيار العملة المحلية وما يرافقه من انحدار خطير للقدرة الشرائية وما يصاحبه من بروز مشين لفئات هشة وأخرى في وضع الفقر المزري بعد 20 سنة من الوعود التي أطلقتها السلطات بحياة العزة والكرامة لعموم الجزائريين الذين بات أحسن ما يحلمون به هو الحصول على تأشيرة هروب من هذا الوقع المر أو الركوب في قارب حرقة نحو الضفة المقابل من المتوسط.

وبالنهاية، ماذا يستفيد مواطن من حكومة عجزت عن استصدار القوانين والتشريعات التي تسمح للوالي ورئيس البلدية بتوفير الإمكانيات المادية التي تسمح برفع القمامة وتنظيم الشاطئ وفضاءات التوقف وفي الأحياء والتجمعات السكنية وفضاءات التنزه، والتي عجزت بأجهزتها الأمنية المختلفة من حماية الأرواح والممتلكات وعجزت عن تنظيم الفضاء العام وجعله مواتيا للعيش الكريم، كما عجزت بشرطتها ودركها وعدالتها، أن توفر الحماية الكافية لأطفالها من مختطفيهم ومغتصبيهم، وأن تمنع المزارعين من سقي مزروعاتهم بالمياه العادمة، كما عجزت عن منع الفساد والمفسدين وانهزمت أمام لصوص القروض البنكية وعجزت عن إجبارهم عن رد ما حصلوا عليه من قروض ناهزت 8000 مليار دج بعضها ذهب إلى مشروعات غير ذات جدوى، وبعضها الأخر تم تهريبه إلى الخارج، ماذا تفيد حكومة بهذه الإخفاقات والعجز، وبالنتيجة ها نحن نعود إلى زمن الكوليرا، فهلا تدخل من يعنيهم الأمر، أم علينا أن ننتظر يد العناية الإلهية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى