أراء وتحاليل

#محطات_بعد_الانتخابات

لقد مرت الانتخابات واجتهد الناس إزاءها بمواقفهم. مقصد الناخبين البحث عن الاستقرار والخشية من الانزلاقات المرتقبة رأي العين، وما انقلاب التسعينات ووضع إخواننا في العالم الإسلامي من العراق إلى ليبيا إلى اليمن إلى سوريا إلى السودان إلا أحسن عبرة.

ذريعة المقاطعين عدم الثقة في نظافتها لأن تجربتنا المريرة مع تقاليد التزوير والتعيين والكوطة العتيقة شاهدة.

ولأن كثيرا من الأحداث لا تُعْلَمُ إلا بعد وقت ولذلك اعتبر التاريخ، فقد ينصف الزمن المشاركين ويضيم المقاطعين،، وقد يفعل العكس. لو صدّق الزمن المشاركين وجب التماس كل الأعذار للمقاطعين. ولو صدّق المقاطعين وجب على غيرهم الاعتراف بالخطأ الاجتهادي والكل مأجور،، أجرين لمن أصاب،، وأجرا واحدا لمن أخطأ. ولذا ينبغي الالتفات إلى محطات تقويم المسار:

#المحطة_الأولى: الجانب الشعبي:

على الشعب تنفس الصعداء بعد التحدي الصعب وسط ركام التجاذب المختنق، ثم الخروج من نفق مظلم ينير ما تبقى من المطالب المشروعة.

على الحراك أن يدرك الخطأ الكبير الذي وقع فيه وهو امتناعه عن تقديم ممثلين وطنيين مخلصين صادقين نظيفي الأيادي، كان يمكن بهم تقليص فترة الفراغ الرهيبة.

لمن لم يعترف بشرعية الرئيس المنتخب أن يدرك خطأه الكبير في عدم الالتفاف حول شخصية وطنية مخلصة يمنحها أغلبية الاستمارات ثم أغلبية ناخبة عوض التشتت على مجموعة منهم.

أن يدرك الشعب أن الشرعية الرئاسية في كثير من دول العالم تحصل بالنسبة التي نالها الرئيس تبون.

أن يدرك الناخبون أن نسبة المشاركة والرئاسة كانت قليلة باعتبار المرحلة المحتقنة والحجة المنتظر تقديمها لغيرهم.

أن تدرك المعارضة أن لا مناص من التعامل مع الرئيس المنتخب بشرعية شعبية أو دستورية أو فعلية على الأقل، كما تعاملت مع رئيس الدولة الحاكم الفعلي، فالعيش تحت إمرة خير من البقاء ليلة واحدة بدون رأس، كما جاء في مقالي السابق.

أن يدرك الحراك الشعبي المبارك أن الذنوب تذهب بالعصبة أولي القوة والعزم،ولو كانت من اللمم، إذ يجب أن نعترف لله قبل العباد أن كثيرا من شوارع مسيراتنا كانت تعج في بعض أركانها بسلوكات لا تليق بعظمة شعب جاهد أجداده تحت راية الإسلام والعقيدة.

قال تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) سورة الأعراف.

وقال تعالى ( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) سورة العنكبوت.

أن يدرك الحراك الشعبي المبارك أننا في مرحلة جديدة حرام علينا تضييعها، بالحذر من تفويت فرصة المطالبة بحوار نصل به إلى تكريس أساسيات في إطار وحدة التراب الوطني والقيم الوطنية والسيادة الشعبية وإنهاء الوصاية الدولية كلها وليس الفرنسية فقط، والحريات الفردية والإعلامية والقضائية الحقيقية، لنصل إلى تشريع قانون انتخابي نهائي يكرس حق المواطن في الإدلاء بصوته باطمئنان عليه وحفاظ السلطة له بشفافية ونظافة تامة تضمن اعتلاء مختلف المؤسسات لمن زكاه الصندوق لا عن طريق المحاصصات المعروفة بإهدار كرامة التصويت العادل النزيه.

حوار لا يستثني أحدا من المخلصين الصادقين مع بلادهم من غير العملاء المتخابرين مع الأجنبي المحرضين على خراب البلاد وهلاك العباد ممن يعرفهم الشعب بوعي وفطنة، فكل المواطنين حاملي الجنسية جزائريون.

دون تخطيط أي هيئة محاورة للسلطة بهدف التموقع ونيل المآرب الخاصة دون اعتبار مصلحة الأمة بغية الغلبة والإقصاء لنعود لا سمح الله إلى نقطة الانطلاق كأن لا شيء حدث.

وقبل ذلك كله علينا إدراك قيمة الرجوع والإنابة إلى الله في نيل المطالب الشرعية واستجابة الابتهال إليه، فنحن مسلمون نستقي من الشرع.

قال تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) سورة الأعراف.

بهذه النظرة الإيجابية في رأيي نستطيع تأسيس حضارة وطنية يراقب الفرد فيها نفسه قبل أن يحاسب، يلتحم بها مع حكامه بثقة متبادلة. …يتبع.

بقلم أ . سعد الدين شراير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى