أراء وتحاليلالعالم

معركة تحرير الموصل تُؤكّد: هنا الجنة وهنا الجحيم في بلاد العرب يا عُربان

زكرياء حبيبي

لم أكن يوما أتوقع على الإطلاق أن دحر قوى الشّر الداعشي في عاصمة “الخلافة الإسلامية” “المُزيفة” في العراق، سيتم الإعلان عنه من قبل القوى المُنتصرة في هذه الحرب “الهُلاميّة” التي أُريد لها أن تُبعثر أحجار اللُّعبة، على اعتبار أن قوى الشّرّ التي فرضت علينا هذه الحرب هي من كانت تخطط لإدارة الفوز والهزيمة بما يخدم مصالحها لا غير، وبالتالي هي من ستُصنّع الانتصار كما شاءت، وبالشكل الذي يضمن لها الفوز في شتّى الأحوال ولو كان الأمر يتعلّق بالهزيمة النكراء أمام “داعش” كما كان مُخطّطا له قبل غزو الدواعش للعراق وسوريا.

اليوم في مدينة الموصل العراقية عاصمة هذه الخلافة “الخُلابية الهُلامية المُزيّفة” تمّ إعلان دحر الإرهاب والقضاء على أُسس هذه الخلافة التي رسمت لنفسها برامج دقيقة لضرب مرجعية الحضارة الإسلامية وضرب من أفتوا وأسّسوا لها، يتَوجّب أن نتوقف للحظة لنُسائل أنفسنا، عَمّن مكّن هؤلاء الدّواعش من فرض سيطرتهم على قلب ومحور الحضارة العربية والإسلامية في العراق والشام، ولن يطول بنا التفكير في حلّ هذا الإشكال، لنصل إلى الإقرار بأنّ قوى الشر المُتربصة بوطننا العربي والإسلامي تعي جيّدا بأن تدمير منارتي بغداد والشامّ سيُسهل بشكل كبير تدمير خارطة هذا “الوطن العربي والإسلامي”، لكن مع دحر الإرهاب الداعشي المَدعوم من أمريكا والصهاينة والعُربان في “عاصمة” الدواعش “الموصل”، يتوجب على الجميع مُراجعة حساباته، أي بمعنى آخر أن مراكز القُوة قد تغيّرت وأن التاريخ سيسترجع توازنه، هذا التوازن الذي لن يسمح بالبقاء إلا لمن هم مُتجذّرون في الحضارة، أي بمعنى آخر أن الإمارات والمماليك التي صنّعَها الاستعمار الجديد لن تقوى على مُواجهة منطق التاريخ وسيرورته، وبالتالي فإنّ سقوط هذه الخلافة المُزيّفة لن يكون تأثيره على العراق وحسب، بل على كامل وطننا العربي والإسلامي، الذي تآمرَ عليه “العرب” والغرب والصهاينة، ليضعوه في المزاد، وكأنه بضاعة فقدت بريقها ولم يعد لها مآل سوى الفناء أو الدخول في زريبة الصهيو-أمريكي، هذه الرؤيا العبثية وغير المنطقية من قبل أعداء حضارتنا العربية والإسلامية، هي ما عجّل باندثار الدواعش، لأنّنا بِتنا نشهد مع تكالب قوى الشّر كيف أن مكونات المناعة الحضارية أصبحت تفرض نفسها علينا في تحديد مسار هذا الوطن العربي والإسلامي، وتأكّدنا من جديد أنّ من يلعب في هذه الدّائرة ضدّنا هم الخاسرون، لأنّنا وكعرب قد نختلف وقد نتقاتل، لكنّنّا لن نرضى، بأن نفتح الأبواب، بل إنّنا لن نفكر بفتح الأبواب إلا لإعلان النّصر وهو ما تحقّق، وهنا من الواجب أن نُشير بأن جهل المُتآمرين علينا من الصهاينة والأمريكان كان وسيكون هو المُحرّك لقلب الموازين في المنطقة وفي العالم ككل، والحال كذلك لا أنتظر سوى مزيد من الانشقاق بين دول التآمر علينا، لأنها بصريح العبارة ليست بدول، بل بيادق في اللعبة، وهو ما تأكد مع الحملة المسعورة من قبل مملكة آل سعود والإمارات والبحرين ومصر على مشيخة قطر، وغالبية هذه الدُّويلات هي من رعى “الربيع العربي” ودعّمه من أجل تدمير أُسس الدولة في الأوطان العربية التي لا تحكمُها العائلات الحاكمة.

اليوم ونحن نرى التناحر بين أشباه الدُّول الخليجية يحِزّ في أنفسنا أنّنا سنفقد أجزاء من وطننا العربي فيما ننجح في استعادة السيادة على ربوع كل منطقة في وطننا السوري والعراقي، وبرغم كلّ الآلام نُجدّد التأكيد بأن دُولا كسوريا والعراق في الشرق الأوسط، والجزائر في شمال إفريقيا لن ترضى وتقبل إلا بجلاء قوى الشّر عن وطننا العربي والإسلامي، وقد يرى البعض بأنّ ذلك من المستحيلات، لنقول له بأنّ مُراجعة التاريخ ستختصر على الجميع إضاعة الوقت في التحليل والتشريح، وأن هذه البلاد التي أي الوطن العربي ككل، لا يُمكن إلا لجاهل بالتاريخ والحضارة أن يلعب في دوائرها، لأنها هي الجنّة وهي الجحيم والفاهم يفهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى