الجزائرالرئيسيةسلايدر

هل يريد حداد تعيين خليفة بوتفليقة؟

يوسف محمدي

يظهر أن التحذيرات التي أطلقتها الأمينة العامة لحزب العمال السيدة لويزة حنون منذ 2015  بخصوص رغبة “الاوليغارشية” في الاستحواذ على السلطة باتت حقيقة.

حنون هي الوحيدة التي أعلنتها صراحة بأن علي حداد وزمرته، يريدون تسريع مرحلة ما بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وكانت الأكثر شجاعة في الجهر بما يردده الكثيرون في الصالونات المغلقة.

وأكد الصدام العنيف بين الوزير الأول عبد المالك سلال وعلي حداد خلال افتتاح أشغال المنتدى الإفريقي للاستثمار والأعمال، على وصول الصراع بينهما إلى منتهاه، ولم يعد هناك ما يمكن التستر عليه، وأن الأمر أبعد من أن يكون مجرد خطأ في البروتوكول، بل هناك قصد من وراء العملية لـ”إهانة” الوزير الأول والحد من طموحه السياسي الذي يزداد يوما بعد أخر في الفترة الأخيرة لخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

 

لماذا ليس نحن؟

ويجمع أكثر من مصدر تحدثت إليهم “الجزائر اليوم” على أن الاعتقاد السائد الآن داخل منتدى رؤساء المؤسسات، هو “لماذا ليس نحن؟” أي لماذا نستمر في تمويل الحملات الانتخابية للرئيس عبد بوتفليقة أو غيره، لماذا لا نتقدم نحن؟

وتقول المصادر، إن علي حداد وجماعته على قناعة تامة بأنه يجب أخد زمام المبادرة وبأسرع ما يمكن، مستغلين ظرف الأزمة المالية التي تمر بها الجزائر.

ويقول مصدر مقرب من منتدى رؤساء المؤسسات، أن الخلاف بين عبد المالك سلال وعلي حداد بدأ منذ أشهر، حيث كان هذا الخلاف واحدا من أسباب فشل القرض السندي للنمو الذي أطلقه الوزير الأول في أبريل الفارط، ثم زادت حدته خلال الجامعة الصيفية لمنتدى رؤساء المؤسسات بقسنطينة، وتوجيه انتقادات حادة للوزير الأول بحضور وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، الذي ينتظر سقوط سلال على أحر من الجمر.

وحاول حداد من قسنطينة، لعب دور المنتقد لتلكأ الحكومة في تسريع الإصلاحات التي بادر بها بوتفليقة، حيث أراد أن يظهر للرئيس عبد العزيز بوتفليقة والمحيط القريب منه أن المنتدى حريص على ضرورة المضي بهذه الإصلاحات المالية والاقتصادية إلى منتهاها، وأن الذي يعترض ويعرقل هو عبد المالك سلال لحاجة في نفسه.

 

حداد يريد تسريع التغيير

بعض المقربين من المنتدى، أبلغوا “الجزائر اليوم” أن علي حداد، أصبح يرى في نفسه منافسا للوزير الأول عبد المالك سلال في خلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أو على الأقل سيكون هو ومجموعته داخل المنتدى من يعين رئيس الجمهورية القادم بنفس الطريقة التي كاد أحمد عز وأبناء الرئيس المصري حسنى مبارك، أن يستحوذوا على الحكم قبل الثورة المصرية.

وقال مصدر “الجزائر اليوم” إن الصدام الذي خرج للعلن خلال المنتدى الإفريقي للاستثمار والأعمال، هو تعبير صريح من “الاليغارشية” التي تكونت خلال العشرية الأخيرة وعلى رأسها علي حداد في الاستحواذ عن الحكم وأنهم يرفضون تمويل الحملة الانتخابية لسلال أو لغيره، مضيفا أن مجموعة حداد، أصبحت ترى في الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عقبة أمامها ويجب أن تعمل بكل السبل لتسريع التغيير عبر مرحلة انتقالية على الأقل، لمنع الحساب على أنفسهم وعلى محيطهم، بخصوص ملايير الدولارات التي هربت إلى لندن ومدريد وبرشلونة ودبي وبيروت والصين خلال العشرية الأخيرة والتي ما زالت متواصلة.

وحاول علي حداد الذي صعد إلى المنصة عقب سلال، التأكيد للجميع أنه لا يقل أهمية عن الوزير الأول عبد المالك سلال، وأنه انتهى الوقت الذي يختصر فيه دور منتدى رؤساء المؤسسات إلى مجرد صندوق دعم مالي لمن يريد الترشح لرئاسة الجمهورية.

وأفاد المصدر، إنهم يعدون العدة بكل قوة، ولم يعد بإمكانهم كبح جماح أطماعهم التي باتت مفضوحة يوما بعض أخر، وهو ما تأكد من فضيحة المنتدى الإفريقي للاستثمار.

واستطرد مصدر “الجزائر اليوم” أن التحذيرات التي أطلقها الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني عمار سعداني، الذي تحدث عن ضرورة أن يبقى المال خارج السياسة، وهذا بعد تسريب خطة منتدى رؤساء المؤسسات، الذي كان يخطط لتقديم قوائم مستقلة خلال التشريعيات القادمة، بغرض السيطرة على البرلمان ثم الحكومة.

 

كيف وصلت الأمور إلى هنا؟

الاعتقاد السائد لدى الطبقة السياسية ومجتمع الأعمال، منذ انتخاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية ثانية، هو أن العمل على أكثر من نطاق لإقناع الجميع أن علي حداد مقرب من محيط الرئيس، وخاصة بعدما استفاد علي حداد من مئات المشاريع في كل القطاعات من الموارد المائية والسدود والأشغال العمومية والسكك الحديدية والصحة والفلاحة والإعلام، وهي مشاريع قدرتها جهات مختصة بحوالي 10 مليار دولار من الطلب العمومي، وذلك بفضل تسهيلات من وزراء في حكومات بن فليس وأويحي وبلخادم وسلال، فضلا عن تسهيلات غير مسبوقة من البنوك العمومية.

هذه الوضعية غير الطبيعية، جعلت كل الإطارات في الدولة من مدراء البنوك والضرائب والجمارك والإدارات العمومية وصولا إلى الوزراء، يعتقدون أن علي حداد هو “الفتى الذهبي” الذي يجب أن يفرش له السجاد الأحمر.. بل هناك من أصبح يعتبر القرب منه مفتاح الأبواب إلى ماهو أعلى من مراتب.

وتردد أكثر من مرة أن بعض الوزراء تمت تنحيتهم لأنهم أعترضوا على تدخل حداد في صلاحياتهم ومنهم وزير الطاقة الأسبق يوسف يوسفي، الذي رفض عنجهية على حداد الذي طلب فتح قطاع الطاقة لمؤسسات خاصة جزائرية لا تملك أدنى خبرة في المجال ومنها طبعا مؤسسات حداد الذي استفاد من غياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن الساحة منذ 2013 بسبب الظرف الصحي الذي مر به، وعدم وجود وزير أول قادر على فرض الانضباط وهبة الدولة.

 

 هل يعبر تمدد حداد عن ضعف مؤسسات الدولة؟

من المعروف في كل دول العالم، أن دور منظمات أرباب العمل هو الاستثمار وخلق الثروة، وليس الحلول محل الدولة في كل شيء وخاصة عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية والدبلوماسية، حيث بلغ منتدى رؤساء المؤسسات أن يجتمع بوزراء حكومة سلال كلهم تقريبا ليس لطلب تسهيلات في مجال الاستثمار، بل لإعطائهم توجيهات وأوامر فوقية، يقول أحد الوزراء الذين رفضوا هذا التصرف واحتجوا رسميا لدى من يهمه الأمر، كما بلغ بعلي حداد الاجتماع بالسفراء في وزارة الخارجية وأصبح يتحدث عن مكان الحكومة والهيئة التشريعية عن خلق مناطق حرة، وهذا من صميم صلاحيات رئيس الجمهورية والبرلمان وليس من صلاحيات علي حداد، الذي بات يعتقد أن المال وحده سيمهد الطريق نحو قصر المرادية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى