الجزائر

2015.. سنة الأحداث المثيرة!

علاء شريف

يجمع المراقبون على أن سنة 2015 هي سنة الأحداث الكبرى والتحولات والتناقضات أيضا. هي سنة لم تكن كغيرها، لأنها وهي تلفظ أنفاسها وتعد ساعاتها ودقائقها الأخيرة، لا تزال تصنع الأحداث المثيرة.

أحداث 2015 كانت متسارعة لكنها لم تكن في البداية ذات تأثير كبير، ومع انقضاء النصف الثاني من العام انتقلت إلى السرعة القصوى. لقد أصبح أصدقاء الأمس فرقاء اليوم. إنها شعرة معاوية تنقطع بين الرئيس بوتفليقة والرجل القوي سابقا أو ما سمي “رب الجزائر”، الفريق محمد مدين، المدعو توفيق، المقال من قيادة دائرة الاستعلام والأمن.

 

انقطاع شعرة معاوية

سمعنا عن الخلاف بين الرجلين في الخفاء حول العهدة الرابعة، لكن هذا الصراع بات حقيقة وها هو يخرج للعلن، وأمارته وضع الذراع الأيمن للفريق توفيق، الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، المدعو حسان، خلف القضبان.

ظن الجميع أن القضية حادث عابر، وأن “حسان” سيفرج عنه، غير أن الأمور اتجهت نحو التأزم بإدانة المحكمة العسكرية بوهران، الذراع الأيمن للفريق توفيق، بخمس سنوات سجنا نافذا، وتتأزم أكثر بإدانة جنرال آخر من دائرة الاستعلام والأمن، هو مسؤول الحرس الرئاسي السابق، جمال مجذوب كحال، بثلاث سنوات سجنا نافذا.. إنها القطيعة بعد 15 سنة من حب الضرورة.

 

أزمة مخملية

ولأن الحدث كبير، فقد خلف تداعيات مثيرة على المشهد السياسي، تجلى من خلال الانشقاق الذي حصل على مستوى الفريق الذي دعم العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، الذي من رحمه ولدت مجموعة الـ 19، والتي طالبت بلقاء الرئيس بوتفليقة.

وأيا كانت المطالب التي رفعتها هذه المجموعة، التي خلقت جدلا سياسيا كبيرا، إلا أن الجميع ودون أن يفكر كثيرا، ربطها بالصراع الدائر بين بوتفليقة ورئيس الـ “دي آر آس” المقال من منصبه، وهو الأمر الذي لم يبرز في بداية الإعلان عن المسعى، لكنه برز للعيان في خطابات زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، التي دخلت في حرب شعواء مع الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، تطورت مع مرور الوقت، لتصبح حربا قذرة، لجأ فيها الطرفان إلى “الضرب تحت الحزام”.

هذه الحرب سرعان ما انتقلت من حرب المنابر والندوات الصحفية، إلى حرب الأروقة والشوارع، وكانت شرارتها المصادقة على قانون المالية 2016، الذي عاش على وقع واحدة من أفظع المظاهر التي شوهت سمعة البلاد، على حد ما ذهب إليه الكثير من المتابعين.

 

عاصفة النفط

المعطى الذي غذى هذا الاحتقان وهذا “الاقتتال السياسي”، بالإضافة إلى ما سبق، كان التراجع المخيف لأسعار النفط في الأسواق العالمية، تراجع بلغ مستوى من الانحدار بحيث بات يهدد حتى السلم الاجتماعي، نظرا للارتباط الوثيق بين سعر البرميل وبين الفئات الاجتماعية الهشة، التي تغطي حاجياتها من الأموال التي تصبها الدولة تحت عنوان التحويلات الاجتماعية، والتي هي في واقع الأمر مقتطعات من أموال النفط، التي كان يتعين أن توجه للنهوض بالاقتصاد الوطني.

 

انتصارات وانكسارات

سنة 2015، ومثلما توقع الكثير ووعود بعض رموز السلطة والدوائر السياسية المحيطة، لم تكن سنة تعديل الدستور المؤجل. مشروع لطالما انتظره الجزائريون، لكن السلطة تأبي الإفراج عنه، لأن تعتبره ورقة يمكن إخراجها عند الضرورة وتوظيفها لصالحها حسب طبيعة المرحلة.

السنة المنصرمة بما عاشته من أحداث مثيرة، هي أيضا كانت مسرحا لإنجازات وانكسارات.. أما الانجازات، فكانت تطهير العاصمة من آلاف الأكواخ القصديرية التي شوهت مظهرها. آلاف العائلات غادرت “الغيطوهات”، نحو فضاءات أرحب.. لكن أزمة السكن باقية وستبقى.

النكسات كانت حاضرة في 2015 وبقوة على الجبهة الرياضية رغم الطفرة التي تحققت على هذا الصعيد. فالفريق الوطني لكرة القدم، الذي كان مرشحا للظفر بكاس إفريقيا، برأي الكثير من النقاد، مطلع العام بغينيا الاستوائية، عاد بخفي حنين، أما الفشل السياسي الأبرز رياضيا، فكان خسارة الجزائر لشرف استضافة كأس إفريقيا 2017، أمام منافس لم يكن يخيف ممثلا في الغابون.. لكنه في النهاية كسب وترك الفضيحة للجزائر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى